الثلاثاء، 15 فبراير 2011

فويل للمصلين ،، رسالة للنخبة


فويل للمصلين ،، رسالة للنخبة
معتـز عبد الرحمن

    اسمحولي أنا أبدأ بدون مقدمات فلا أجد لها متسعا ، إذا أردنا أن نصنف أي شعب تصنيفا بسيطا ، سنجد أن الشعب في الغالب ينقسم قسمين نخبة وعوام ، هذه النخبة عادة ما تتمثل في العلماء – علماء الدين والدنيا – والكتاب والمثقفون ، وهذه النخبة هي التي تقول فيسمع لها ، وتحلل فيحترم رأيها ، وتوجه فيستجاب لها ، وتكتسب النخبة مكانتها من مصادر عدة منها العلم الذي تحمل وخبرة الحياة وبعد النظر ورجاحة العقل وعمق وشمولية الرؤية ، ولعل الأخيرة من أهمهم إذ أن الإنسان العادي البسيط عادة ما يرى الأمور من منظور واحد سطحي ، ولا تعينه معلوماته وثقافته وخبرته على رؤية كل الجوانب ، أما النخبة فعندها من العلم والفكر والخبرة ما يمكنها من قراءة ما بين السطور وفصل السم عن العسل وتوقع النتائج المجهولة للمقدمات المخادعة ، فإذا فقدت النخبة هذه الميزة ، وصارت تتناول الأمور والقضايا بنظرة سطحية جزئية فقدت أهم ما يميزها ولا أقول نزلت لمنزلة العوام بل ربما صار العوام أفضل منهم لأنهم لم يكتموا علما ولم يشتتوا أحدا.

   وعلى سبيل المثال - لا الحصر – على ما أقول ، بعد أحداث تونس وما تبعها من تفشي ظاهرة الانتحار في مصر كنوع من الاعتراض والتعبير عن الرأي ، خرج كثيرون من هذه النخبة يتحدثون عن الظلم الذي أدى بهؤلاء الناس إلى ما فعلوه ، وصاروا يصفون هؤلاء المنتحرين بالأبطال والشهداء ، وركزوا على هذه النقطة متجاهلين أن الانتحار محرم في كل حال ، وهذا التجاهل صار – بقصد أو بدون قصد – ضوءا أخضرا لكل من يريد أن يقدم على هذا الفعل المحرم ، وفي المقابل أطل الكثيرون أيضا منددين بالانتحار مذكرين بحرمته دون أن يشيروا إلى أهمية معالجة الأسباب التي أدت بالناس للتفكير بهذا العمل الشنيع ، فكلا الفريقين طبق (فويل للمصلين ) دون أن يكمل ( الذين هم عن صلاتهم ساهون) ، وكلاهما فقد الكثير من مصداقيته لدى الناس ، فالناس تبحث عن الرؤية الشاملة والكلمة الواضحة والحق البين ، لا التحليل المبتور والنظر القصير والشحن الأعمى  ، ومع تكرار المواقف المشابهة أوشك رصيد هذه النخبة عند الناس على النفاذ ، وهو رصيد غير قابل لإعادة الشحن وليس له فترة سماح ، وفقدان النخبة مصداقيتها خطر على المجتمع لأن كل فرد سيحركه رأسه ونظره القاصر وفقط ، ولا أجد تعبيرا عن الفوضى أبلغ من هذا ، لذا فأنا أناشد هذه النخبة أن تدرك أهميتها وأهمية كل كلمة تنطق بها ، وأن تدرك مكانتها  التي منحها الله ثم الناس لهم ، وأن يشعروا بالمسئولية الملقاة على أكتافهم ويبادروا  بالمحافظة على ما بقى لها من مصداقية وأن يخشوا الله ويخلصوا نواياهم له ويحافظوا على هذه البلاد ، وإلا فليتركوا الأقلام والميكروفونات ، ويخرجوا من خلف الكاميرات ، فإن لم يكونوا لبنة بناء ، فعلى الأقل لا يكونوا معول هدم وشتات.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق