السبت، 28 مايو 2011

محاكمة عاجلة لقتلة الشهيدة


محاكمة عاجلة لقتلة الشهيدة
معتـز عبد الرحمن


لا ، لست أعني سالي زهران رحمها الله ورحم كل شهداء الثورات العربية- نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا - فشهيدة الثورة التي أعني لم تمت تحت عجلات المصفحات ، ولم تقتلها رصاصات القناصة ، ولم تدهسها أقدام الجمال في موقعة البغال ، ولم تنشر صورها على صفحات الجرائد ولم تذكر في "الورد اللي فتح في جناين مصر" ، شهيدة الثورة التي أعني عانت من الموت البطيء على مدى شهور ، تدهورت حالتها من سيء إلى أسوأ ، حتى قرر أصحاب العقول المحدودة نزع الأجهزة عنها يوم الجمعة 27 مايو لتلفظ أنفاسها الأخيرة ، وأفقد أنا شخصيا الأمل في عودتها للحياة مرة أخرى ، على الأقل في المستقبل القريب ، شهيدة الثورة الحقيقية هي التي لم يطالب أحد بمحاكمة قتلتها لأننا جميعا شركاء في قتلها ، شهيدة الثورة الحقيقية معنى راق وقيمة عظيمة اسمها "الموضوعية".

لا يزال المصريون يثبتون أنهم أهل هذه البلاد وليسوا ضيوفا عليها ، إذ لايزال ملايين منهم يتمسكون بمنهج ورؤية الفرعون ،فلا مجال لاختلاف وجهات النظر ولا احتمال أن يكون الحق مع غيري (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ )(1) ، ولا مجال للعدل والانصاف والموضوعية ولا تورع عن الكذب والإدعاء على المخالف ولو بشكل مفضوح بنفس منهج الفرعون (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ  أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ )(2) ، فبدءا بالاستفتاء وأجواء التخوين والتحقيرمن الطرفين ، ومرورا بحملات التشويه الشرسة للإسلاميين ثم أحداث الفتنة الطائفية بإمبابة بين التهويل والتهوين ظلت الموضوعية هي العنصر الغائب عن كل هذه الأحداث إلا قليلا ، وظل التحزب والتشرذم والمبالغة والتحامل والانحياز أبطال الساحة الإعلامية والشعبية ، حتى جاء يوم 27 مايو ، اليوم الذي ظننت أنه دون غيره سينعم بالموضوعية ، إذ أن التنوع العجيب في مطالب المتظاهرين يجعل من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل تبني الانحياز الكامل لها أو الهجوم الكامل عليها ، فانتظرت أن أسمع من كل مصري نقاط اتفاقه واختلافه مع هذه المطالب ، وعلى قدر نسبة الاتفاق والاختلاف يتولد قراره بالمشاركة أو الامتناع ، ألا إن هذا لم يحدث ، وتحول الأمر لمجرد تحدي على طريقة الأهلي والزمالك ، أصبح هم المتظاهرين اثبات كثرة عددهم وعدم احتياجهم للإخوان ، وأصبح هم الممتنعين اثبات فشل الدعوة وقلة عدد المشاركين ، وتحول الأمر إلى عناد أطفال ، حتى وصل الأمر لأن طالب المتظاهرون القوى غير المشاركة بالاعتذار الرسمي عن الامتناع على طريقة "إحنا آسفين ياريس" وكأن الذي لا يطيع التحرير عبد متمرد على أوامر سيده ، وفي نفس الوقت هوجمت مطالب المتظاهرين كلها وكأن الممتنعين لا يشعرون ببطء وتيرة المحاكمات ولا يتغيظون من مبدأ العفو مقابل إعادة المسروقات ، ولا يقلقون من الانفلات الأمني وتباطؤ عودة الشرطة ، ولا يلاحظون الفساد الذي لا يزال يسيطر على الإعلام وبعض المناصب ، كلا الفريقين أخطأ كالعادة ، وانقسمنا لمعسكرين مثل أيام الاستفتاء ، كل منهما لا يرى للآخر حسنة ولا يكن له أي احترام، وكأننا لا نتعلم من التاريخ أبدا ، وأخشى أن نكون لن نتعلم أبدا.

    الموضوعية قيمة انسانية وخلق إسلامي لا تستقيم الحياة بدونه ، علمنا الله تعالى إياه في قوله (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ  بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا)(3) فهؤلاء قوم لم يؤمنوا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعصوا الله ورسوله ، ومع ذلك ذكر الله ما لهم وما عليهم ، ولم يذكر المساويء دون الحسنات ، بل وحذر عباده المؤمنين من هذا الأمر في قوله تعالى (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )(4) ، فالموضوعية صورة من العدل ، والعدل أساس الملك ، وما نحن فيه الآن من جدل وجهد وتعب لا يهدف إلا لبناء ملك عظيم لبلادنا ولوضعها في مكانها الذي تستحق ، فكيف نتخلى عن الأساس بدعوى الحفاظ على الملك ؟ وكيف نطالب بحاكم عادل والانصاف منزوع من بيننا؟ ، وكيف نتمنى حاكما حنونا والقسوة تملأ قلوبنا ؟ جريمة انعدام الموضوعية والعدل جريمة شنعاء ، ربما لا يكون لها عقوبة في قانون الجنايات ، ولكني أخشى عقوبتها من رب الأرض والسموات ، أخشى أن نعاقب على عدم شكرنا لنعمة الحرية ، أخشى أن نعاقب بعودة الظلم إلى كرسي الحكم بعدما أثبتنا بأفعالنا أننا لسنا أقل ظلما من النظام السابق ، وأخيرا قيل في الأثر (إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة) فاتقوا الله في أنفسكم وإخوانكم ودولتكم ، وإلا فلا نلومن إلا أنفسنا.


------------------------------
(1) سورة غافر، الآية 29
(2) سورة غافر ، الآية 26
(3) سورة آل عمران ، الآية 75
(4) سورة المائدة ، الآية 8
 

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

الاثنين، 23 مايو 2011

جــــدل لابــد أن ينتهي


جــدل لابد أن ينتهي
معتـز عبد الرحمن


    لم استشعر قيمة المبدأ الذي تبنيته على مدار حياتي إلا بعد ثورة يناير وخاصة بعد الاستفتاء ، وهذا المبدأ هو عدم الانتماء لأي جماعة أو تيار أو حزب مهما زادت نقاط الاتفاق بيني وبينه ، وتكمن قيمة هذا المبدأ في إنها تحفظ لك شيئين ، أولا الرؤية الكلية للأحداث بعين محايدة ، ثانيا خفة الحركة والتحرر من قيود الالتزامات الحزبية وقواعد السمع والطاعة التي قد تكون مخالفة لرؤيتك ووجهة نظرك بل وللحق ذاته في كثير من الأحيان ، لا أقول ذلك تبرئا ولا انتقادا لأحد ، ففي ظني أن كل هذه التيارات الموجودة على الساحة – خاصة الإسلامية منها - قدمت للدين وللوطن الكثير ولا تزال تقدم وأحسبهم جميعا أفضل مني وأفيد ، ولكني أقول ذلك تمهيدا ورغبة في حسم جدل طال وباخ وأضاع الكثير والثمين من الأوقات دون داعي ، ونجحت فيه فئة صغيرة ذات نوايا معروفة في تشتيت جهود وإنهاك قوى فئة كبيرة ذات مصداقية مشهودة ، وكثرة المسميات والانتماءات هي التي سهلت للمتربصين والخصوم إطالة زمن الجدل لتحقيق أكبر مكاسب من التشويه والتضليل.

هل وقعنا في الفخ؟؟
   كلمة السر "الإسلام" وإن شئت فقل "تطبيق الشريعة" ذلك البعبع الذي كان ولايزال وسيظل يخيف التيارات العلمانية ويرعبها ، وبمجهود هذه التيارات المسيطرة على وسائل الإعلام سواء التي كانت موالية للنظام السابق أو التي كانت ترتدي رداء المعارضة ، كان هذا البعبع هو الذي يخيف البسطاء ولا يزال ، ولكن يا ترى هل سيظل ؟؟ ، التصرف الخاطيء الذي فعله كثير من البسطاء عندما صوتوا بنعم على التعديلات الدستورية دون قناعة أو تدبر ولكن لمجرد أن معظم الشيوخ والعلماء تبنوا الموافقة على التعديلات هو الذي أوحى للجميع أن القلق من الإسلام وتطبيق الشريعة والخوف من الملتحين والمنتقبات وكل من يقول "جزاك الله خيرا يا أخي" لن يستمروا للأبد ، وأن الشريعة الغراء قد تتربع في لحظة ديموقراطية على عرش هذه البلاد التي تحمل على صدرها وسام الذكر في القرآن الكريم ووسام وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهلها، فبدأت التيارات العلمانية من جديد في شن الحرب القذرة المفضوحة التي نراها ونشاهدها كل يوم على كل ما هو إسلامي مدعية كذبا أن قضيتها ليست الإسلام ولكن المتأسلمين ، حتى أضحكني أسلوب كتابة خبر في روز اليوسف اليوم يتكلم عن مشاجرة في عقد قران لاعب فكتبوا في العنوان" و(الشيخ) أسامة حسني شهد الواقعة ورفض الشهادة" ناهيك عن خبر استقالة مدرب نادي غزل المحلة بسبب السلفيين ، وفي مقابل هذا الهجوم الشنيع غير الشريف انشغلت التيارات الإسلامية بالدفاع عن نفسها ضد الأكاذيب تارة وضد أخطاء أفرادها تارة أخرى ، وبقيت القضية الحقيقية بلا محامي حاذق واعي ، وبقيت الجوهرة المكنونة تحت الرمال ، مما يمهد لأن يظل الإسلام فزاعة المصريين لعقود أخرى.
وذكرهم بأيام الله
  
لذا فأنا أدعو هنا كل مسلم مؤمن بعظمة دينه ، وكافر بالافتراءات التي يدعيها المفترون عليه ، أدعو كل إخواني وسلفي وتبيلغي وكل مسلم غير منتسب ، الإسلام في رقبتي ورقبتك ، اطرح عن نفسك المسميات واكتفي بالإسلام ، لا يشغلك حماسك وغيرتك على تيارك أو جماعتك عن قضيتك الكبرى ،ولا تكن أصلا في موضع دفاع حتى عن الإسلام ، ولكن كن مبادرا ، عرف الناس دينك ، انقل حبك له إليهم ، تعلم وأجب أسئلتهم ، وأغسل بماء الفقه شبهاتهم ، وذكرهم بأيام الله ، وأقرأ عليهم آيات الله ، قل لهم أن الذي خلق هو الذي يأمر فيطاع (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (1) فهو الذي يعلم مصلحة عباده أكثر من أنفسهم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (2) ، حذرهم تحذير المحب المشفق من خطر عدم محبة شرع الرحمن الرحيم (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) (3) ، اطلب منهم أن يتأملوا في هذه الآية قبل أن يقرروا (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) (4) ، وضح لهم أن الذين يقولون تعبد لله كما شئت وطبق سلوكيات الإسلام وأخلاقه الكريمة ولكن لا تدخله في الحكم والتشريع إنما يريدون لنا الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة ، فعندما طبقت بنو إسرائيل نصيحتهم قال الله لهم (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (5) ، قل لهم أن النصارى عاشوا في ظل الإسلام 13 قرنا بعد أن أنقذهم عمرو بن العاص من ظلم بني دينهم لم يديروا أبدا خدهم الأيسر لأن أحدا لم يضربهم على خدهم الأيمن قط ، تكلموا عن الإسلام يا شباب ، تكلموا عن القرآن ، تكلموا عن السنة ، تكلموا عن الحق  يحسم الجدل في لحظات ، وتوفر الجهود للبناء لا للصراع ، لا تجعلهم يأخذونك حيث يريدون ويوجهون حديثك كما يشاءون ، تعلم من خليل الله إبراهيم الذي لم يسمح للنمرود أن يعطله بإجاباته التافهة الساذجة عن قول الحق وإنهاء الجدل والدعوة إلى الإسلام (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )(6)
-------------------------------------------------------------
(1)   سورة الأعراف – الآية 54
(2)   سورة الملك – الآية 14
(3)   سورة محمد – الآية 9
(4)   سورة المائدة – الآية 49
(5)   سورة البقرة – الآية 85
(6)   سورة البقرة – الآية 258
للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

الأحد، 22 مايو 2011

الانهيـــــــار الكبيـــــــــر

بحث ختمت به حياتي الدراسية





دفعة مدني 2007 تودع الكلية وداعا إيجابيا



الانهيار الكبير في فهمنا للـ

 Structural Analysis &Mechanics

الأسباب – الحلول

نتيجة استطلاع رأي


إعداد

م \ معتـز عبد الرحمن محمود
دفعة مدني  2007






ملحوظة هامة
إن كان هذا الاستطلاع قد تم عمله في الأصل من أجل مادة تحليل الإنشاءات
إلا أن الأسباب والآراء تنطبق على كل المواد ، وإذا قمنا بعمل استطلاع للمواد
الأخرى لن يختلف الوضع كثيرا، ولكن اختيار تحليل الإنشاءات كعينة كان بسبب
حساسيتها وأهميتها القصوى
وبالتالي أرجو من كل أساتذتنا في كل المواد الاهتمام بهذه الوريقات



تلميذكم
معتز عبد الرحمن

البداية
        لم تكن نقطة محددة أو حدثا بعينه ، ولكن على مدار ثلاث سنوات درسنا فيها تحليل وميكانيكا الإنشاءات كنا نشعر دائما بوجود مشكلة تتراكم ، وهي عدم استيعابنا الجيد للمادة ، ولكن لم نستشعر ذلك بحق إلا بعدما تعمقنا في الخرسانة المسلحة والمنشآت المعدنية ، وبدأت انتقادات أساتذة هذه المواد تنهال علينا باستمرار بشكل محبط جدا عندما لا يجدون منا تجاوبا عندما يتكلمون في نقاط من المفترض أننا درسناها في تحليل الإنشاءات، ليس هذا وحسب بل وربما كان تقديراتنا فيها امتياز وجيد جدا  ، ثم بدأ الإحباط الحقيقي والشعور المرعب بخطورة الموقف مع طلبة المشروعات الإنشائية وعلى رأسهم طلبة مشروع المنشآت المعدنية ، الذين شعروا أن عليهم أن يعودوا لنقطة الصفر ويبدأوا مذاكرة المادة من جديد.

      ولما كنت واحدا من هؤلاء ، فكرت أن أتوقف للحظة وأتساءل : هذا حال طلبة مشروع المنشآت المعدنية فيا ترى كيف حال الآخرين؟ وبإجراء تصويت بسيط على عينة عشوائية من الدفعة كانت النتيجة  تدل على أنها حالة عامة

       ولأن الطبيب يعتمد بشكل كبير في تشخيصه على وصف المريض للأعراض، ومن ثم وصف الدواء ، على حد تعبير أستاذنا الدكتور بهاء مشالي  ، كان ينبغي علينا أن نخرج من سلبيتنا المعتادة ونتحدث عن الأعراض وربما الأسباب التي قد تكون ساهمت في توغل هذا الخلل الذي تولد عنه مهندسون يعانون من مشاكل كبيرة في عمودهم الفقري – يعانون مشاكل كبيرة في تحليل وميكانيكا الإنشاءات

       طلبت رأي زملائي ، وخآصة الملتزمين بالحضور في الكلية لأنهم هم المقياس الحقيقي  والتقييم الحقيقي ، توقعت بداية أن آراءهم ستكون هجوما على الكلية وتبرئة لأنفسهم من أي تقصير وخطأ ، ولكن الشيء الجميل هو الإنصاف الذي رأيت ، فقد قالوا ما لهم وما عليهم ،وبالتالي فهذه الوريقات موجهة للأساتذة والطلاب ، وقد شارك في الاستطلاع حوالي خمسين زميل وزميلة ، وشارك ما يزيد عن العشرين من الزملاء والزميلات بآرائهم ورؤيتهم، وهم من مستويات دراسية مختلفة ، تقديراتهم في المادة  تتراوح بين الامتياز والضعيف ، منهم الأوائل ومنهم الطلبة العادية ، ورغم ذلك كانت آراءهم متفقة لحد كبير ومتكررة

      وأخيرا أخذت آراءهم ودمجتها ليخرج منها هذه الوريقات ،التي أرجو الله أن يتقبلها أساتذتنا بسعة صدر والتي أرجو الله أن تكون نافعة ومساعدة لأساتذتنا في تطوير كليتنا وتحسين أداءها ، فهذه الوريقات فقط محاولة ومساهمة من طلبة دفعتنا لوضع أيدينا على السبب الحقيقي للمشكلة ، والتي أرجو الله أن تزول قريبا

وقد حللت الأمور التي ترى دفعتنا أنها أسباب المشكلة  إلى ثلاث محاور
1-الأستاذ
2-نظام التدريس وأسلوبه
3-الطالب
وتأتي من بعدها إن شاء الله اقتراحات دفعتنا لحل المشكلة
وأخيرا أشكر كل زملائي على المساهمة وأشكر كل من شجعني وساعدني على هذا العمل وأشكر مقدما أساتذتي على اهتمامهم  ورحابة صدرهم المأمولة
وفقنا الله جميعا لما فيه الصلاح والخير

المُعِد
م \ معتـــز عبد الرحمن محمود
دفعة 2007
مشروع(منشآت معدنية)

المحور الأول: الأستــــــاذ

هذا رزق الله ، والله يرزق من يشاء
كانت هذه نقطة متفق عليها تقريبا في كل الاستبيانات ، أن الله وهب لكل إنسان مهارات معينة ولم يمنحه قدرات أخرى، فقد يهب الله تعالى لإنسان عقلية رائعة وعلما وفيرا وتمكنا كبيرا، ولكن ليس بالضرورة أن يمتلك مهارة توصيل هذا العلم للآخرين ، فتوصيل المعلومة مهارة منفصلة لا تحتاج فقط لمجرد التمكن في المادة العلمية، ولا يعيب أحد عدم امتلاكه لهذه المهارة ، فبالتالي لا ينبغي أن يتحمل الإنسان ما فوق طاقته.


Office hours
فهي غير محددة بالمرة ، وفي الغالب كثير من أساتذتنا لا تأتي إلى الكلية إلا في يوم المحاضرة، فبالتالي لا يجد الطالب من يسأله في وسط الأسبوع ، وأرجع أحد الزملاء سبب هذه المشكلة في استبيانه أن الأساتذة لا يأخذون حقهم وقدرهم الذي يستحقوه من الكلية فبالتالي ينشغلوا عنها ، وتأخر النتيجة الرهيب المتكرر كل عام لكل الفرق دليل على ذلك والذي كاد أن يؤخر كثير من الطلاب الفرقة الرابعة عن التجنيد والذي لو حدث يكون ثمنه سنة زيادة في التجنيد، يدفع سنة من عمره،، فقط لانشغال أستاذه.

أنت أبي وأنا ابنك
فقد اشتكى الكثير من الزملاء بشكل عام من عدم إحساسهم باهتمام الأساتذة بهم ، وهذا بالطبع شعور صعب يكفي أنه يفقد التواصل بين الطالب وأستاذه ، والتواصل والتفاعل هو الجسر الذي تمر إليه المعلومة  لتسكن في الأذهان واضحة كاملة ولا تخرج أبدا بإذن الله.


أخي الأكبر؟؟
للمعيد وضع خاص بالنسبة للطلبة، فتقارب السن والفكر يسهل كثيرا التواصل، ولربما شعر الطالب بالحرج من الإثقال في الأسئلة على أستاذه ، ولكن مع المعيد تكون الأمور أسهل ، فبين خبرة وتمكن الأستاذ في المحاضرة، وبساطة وسلاسة المعيد في السكشن نخرج بأكبر مكاسب ، ولكن كانت تحليل الإنشاءات هي المادة التي لم تعرف المعيدين طوال سنوات دراستنا لها.

رفاق هدفهم واحد
 نعم ، فأساتذة المواد المختلفة هم رفاق على طريق واحد لهم هدف واحد وهو إعداد المهندس الجيد المجيد ، ولكن التساؤل ، عندما يلاحظ أحد أساتذة مادة تطبيقية مثلا ضعفنا في مادة أخرى ، ويرى أنه ضعف عام عند معظم الطلاب ، لماذا يكتفي بتوبيخنا ولا يناقش رفاقه أساتذة المادة الأخرى كي يصلوا لحل؟؟؟

نظام التدريس وأسلوبه

الساحرة المستديرة
ليس كل جديد مفيد ، أو على الأقل ليس مفيدا في كل الأحوال ، ومن الأمور التي اتفقت عليها الآراء كلها تقريبا أن استخدام الprojector  في تحليل إنشاءات أولى مدني لم يكن قرارا صائبا ، بل كان له من السلبيات الكثير، فطبيعة المادة لا يناسبها استخدام الprojector ، فالطباشير هو الوسيلة الأنسب لتوضيح الأمور نقطة نقطة ، وبخآصة أن الprojector  يزيد كثيرا من سرعة ملقي المحاضرة ليزيد مهمة الفهم والتلقي تعقيدا.

قليل ينفع خير من كثير لا يفهم
مشكلة الكم هي مشكلة عامة في كليتنا أو على الأقل في قسمنا ، فهناك اهتمام كبير بتدريس كم معين من المادة بصرف النظر تماما عن كونه وصل للطلاب أم لا، فسرعة شرح ومحاضرات إضافية ، وينتهي العام وقد انتهى الكم المطلوب شرحه بالفعل ، ولكن في المقابل انتهى الأمل في فهم كل ما شرح خاصة مع ضيق الوقت قبل الامتحانات ، إذن فلنذاكر كي نمر من الامتحان ولنفهم هذا الكلام في يوم ما بعد الامتحانات، وفي الغالب بالطبع لا يأتي هذا اليوم

المعاني والاستخدامات
فقط خمس دقائق في كل محاضرة أو سكشن نفهم فيها ما معنى ما ندرس وما استخدامه وما دوره وتأثيره  كافية لحل جانب كبير من المشكلة، ولكن ما حدث أننا مثلا لم نفهم جيدا معنى الbending moment  واستخدامه إلا عندما بدأنا دراسة المواد التطبيقية ، أي بعد عام ونصف على الأقل من بدء دراستنا لتحليل الإنشاءات ، وحينها لم يكن هناك وقت لتدارك ما فات لنعيد ترتيب أوراقنا و نعيد استيعاب المادة من جديد ، ليستمر المسير في الحلقة المفرغة حتى التخرج.

ورشة العمل
فكرة جميلة  في أصلها بالطبع ، ولكن لم توفر لها الظروف التي تساعد على نجاحها، فإلغاء الشرح في السكشن- أولى مدني- ليكون دور السكشن فقط أن يقوم الطلاب بالحل بأنفسهم يستلزم عدة أمور ، يستلزم شرحا كافيا وفيرا في المحاضرة  وإن لم تكفي واحدة فلتكن اثنتين بالأسبوع وليس بالprojector ، ويستلزم تناسب عدد الطلاب في السكشن مع الأساتذة المشرفين وليس 3 أساتذة مقابل 50 طالب، ويستلزم قناعة الأساتذة بالفكرة حتى يحضروا جميعا للورشة ولا يقوموا بالتناوب عليها أستاذ لكل أسبوع.

الأمثلة المحلولة
ندرتها لم يكن مشكلة عامة بل كان فقط في بعض الكورسات ولكن توفر الأمثلة المحلولة خصوصا مع معدلات الدراسة السريعة عندنا في الكلية بالطبع أمر هام للغاية


الشيت
فالتقييم فيه غير معتمد على الفهم قدر ما هو معتمد على تسليم المسألة محلولة، ومن المعلوم أن ليس كل من حل مسألة يكون فاهما لها ، هذا إذا كان حلها بنفسه أصلا، كما أن تصحيح الشيت في أحيان كثيرة لا يشار فيه إلى الأخطاء وبالتالي لا يعلم الطالب أين أخطاؤه وبالتالي ينعدم دور الشيت في تحسين أداء الطالب

التوزيع الجيد للوقت
فساعات التيرم لا توزع توزيعا جيدا في كثير من الأحيان على المنهج، فقد يأخذ باب في بداية التيرم شهر ، وباب يماثله في الكم والكيف يشرح في محاضرة واحدة في آخر التيرم

الطالب ،، ليس بريئا

شهادة،، لا أكثر
فالكلية بالنسبة للكثير من الطلاب ليست مصدرا للتعلم ، ولكن مصدر لتحصيل ورقة لطيفة مكتوب عليها (شهادة) ، وللأسف الكلية تساعد على ذلك ، لأن لو كان التقييم كما ينبغي لما وجد الباحثون عن نجاح بلا فهم مكانا لهم في كلية الهندسة

الكمبيوتر
فهناك اعتقاد عند كثير من الطلاب أن الأشياء التي يوجد لها  برامج كمبيوتر تقوم بحلها لا ينبغي أن نتعلمها بالورقة والقلم ، فمثلا وجود الSAP  والStaad وغيرهما يجعل البعض يرى أنه لا حاجة لأن نتعلم كيف نحلل الإنشاءات بالورقة القلم ، وبالطبع هذا اعتقاد خاطيء للغاية

من طلب العلا،، نام الليالي
فالاستسهال هو الداء الخبيث الذي يسري في جسد جيلنا ، والذي بالطبع كان لنظام التعليم  قبل الكلية دور كبير في تأصيله ، وهو أحد الأسباب في إلغاء الكثير من الطلاب دور الكلية التعليمي ، وتلقي العلم من الدروس والورق والتي في الغالب لا تقدم علما يذكر
 فينبغي على الشباب التخلص منه ، وينبغي لأساتذتنا المساعدة على ذلك، ليس بالنقد والتوبيخ ولكن بالنصح والتحفيز وتطوير أسلوب التدريس في الكلية ليناسب ظروف الجيل ، فما كان يصلح من ثلاثين عاما لم يعد صالحا اليوم

أمور نفسية
الأرواح تتلاقي وتتنافر ، فليس بالضرورة أن يحدث راحة نفسية بينك وبين كل من تقابل، ومن مشاكل الطلاب أنهم يربطون بين فهم للمادة براحتهم النفسية تجاه الدكتور ، فإن لم تحدث هذه الراحة انقطع حبل الفهم، وبالطبع الراحة النفسية تساعد على الفهم أكثر وأكثر، ولكن ينبغي على الطالب إذا افتقدها ألا يغلق عقله عن الفهم من أستاذه

الأسبوع الأخير
فكالعادة أن يقوم أغلبنا بتأجيل المذاكرة الجادة في الشهر أو الأسبوع الأخير ، ليفاجأ بكم رهيب يحتاج للاستيعاب، مع سيول من المحاضرات الإضافية أو المحاضرات المضغوطة ، فحينها كيف يحدث الفهم وتستوعب المعلومة، فتتحول القضية من جديد إلى (كيف أنجح في الامتحان؟)






أشعل شمعة

وقناعة بأن ذكر السلبيات والشكوى وحده لا يحل المشكلة، وأن الإيجابية تستدعي المشاركة في الحل –رغم تخرجنا – فهذه اقتراحاتنا التي نأمل أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن تكون عونا بعد عون الله لكليتنا على حل هذه المشكلة

1-    إعطاء الأساتذة والمعيدين كورسات مهارات توصيل المعلومة والتعامل مع الطلبة- كالتي تدرس في كلية التربية ومراكز التنمية البشرية .
2-    وفي نفس الإطار ، أن يكون هناك أستاذ باحث وأستاذ مدرس ، فليس كل أوائل الدفعات لهم القدرة على الشرح  فمن له هذه القدرة فليدخل محاضرات وسكاشن ومن لا يمتلكها فليفيدنا بعلمه وأبحاثه وكتبه ويوفر وقت التدريس لذلك.
3-    زيادة عدد ساعات المحاضرات والسكاشن للمادة، فهي جديرة بذلك ، فإن تعذر فليدرس القدر الذي يمكن استيعابه في هذا الوقت
4-    التذكرة المستمرة بالمناهج السابقة والربط بين مناهج كل السنين وبينها وبين تطبيقاتها ، وأن يكون هناك محاضرة حرة كل أسبوع- كل أسبوع مادة مختلفة -  يقوم فيها الدكتور فقط بالتحدث عن واقع المجال وكيف تفيد دراستنا فيه ، مع عرض صور أو ماكيتات لمشاريع واقعية  تربط دراستنا بالواقع.
5-    عمل سلسلة كتب متكاملة فيها كل ما يخص المادة بأسلوب مستفيض وواضح
6-    أن يكون هناك رقابة على أداء الأساتذة ، فالمتقن والمقصر صفتان موجودتان في كل الفئات.
7-    أن تكون درجات الشيتات على الفهم والمناقشة وليس مجرد مسألة محلولة وينتهي الأمر.
8-    الاهتمام بالسكاشن لأن فرص الفهم فيها أعلى لقلة العدد.
9-    توفير لقدر اكبر من الأمثلة المحلولة.
10- عدم السرعة أو البطء في الشرح وأن يؤخذ في الاعتبار أن هؤلاء الطلاب قادمين من مرحلة ثانوية عامة يعلم الجميع كيفية التعلم فيها



وفي نهاية الكلام وبداية العمل المأمول أقول:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وهذا كل ما نستطيع عمله للنهوض بالدراسة في قسمنا الحبيب في كليتنا الحبيبة
وأرجو أن تكون هذه الكلمات خطوة للتصويب والتطوير

ونظرا لأن قضية الدروس الخصوصية تلعب دورا خطيرا في كل مشاكلنا الدراسية حاليا، فهي تلعب دور  النتيجة والسبب في نفس الوقت لكثير من المشاكل ، فقد ألحقت مقالا بسيطا  كتبته من قبل يحوي تحليلا سريعا لهذه المشكلة ، أيضا من باب اعتماد العلاج على وصف المريض لما يشعر به ، مع الأخذ في الاعتبار أن المقال وجهة نظر شخصية للمعد وليس للدفعة، بخلاف ما سبق

ولكل زملائي وزميلاتي الشكر على إيجابيتهم

ولكل أساتذتي الحب والتقدير فلا ينكر أحد منصف أبدا دوركم وفضلكم من بعد الله سبحانه وتعالى في تعليمنا وإعدادنا
وأرجو أن تعتبروا هذا العمل مساعدة من أبنائكم البارين لكم للارتقاء بحال أمتنا، أمتنا التي طالما قمتم بحثنا على تحمل مسئوليتها والعمل لرفع شأنها.



                                               تلميذكم
                                                معتــز عبد الرحمن محمود
                                              0123513417
                                               civileng2007@yahoo.com



الهجرة من المدرجات..إلى "الملازم" و"الكورسات"
كثير منا بعد نجاحه بالثانوية العامة اعتقد أن مرحلة الدروس الخصوصية  والملازم قد انتهت إلى غير رجعة ، وإنه لن يسمع عن فارس المادة الفلانية ولا برنس المادة العلانية، وأنه قد آن الأوان للتعلم الحقيقي الذي سنبني عليه بإذن الله مستقبلنا العملي كله بالتعلم المباشر من أساتذتنا ومعيدينا ومن مراجعنا ومعاملنا
لكن بعدما دخلنا الجامعة(وأنا أتكلم تحديدا عن الهندسة) لم تكن الصورة بيضاء ناصعة كما تصورناها
فمن أول يوم أحسسنا بلهيب معركة شرسة بين أساتذة الكلية وبين معيدين أو مهندسين عاديين يعطون دروسا خصوصية(كورسات) في الخارج أو بين الأساتذة وبين المكتبات التي توفر ورق وملازم هذه الدروس للطلبة(لأن طبعا كثير من الطلبة لا يستطيعون ماديا حضور هذه الدروس، وإن فاتك الدرس ..اشتري الورق)
ومن مظاهر هذه المعركة:
1-               أن يضع أستاذ المادة درجات على حضور المحاضرات (رغم أن حضور المحاضرات أصلا اختياري ،لكن الرجل يجد أن 40طالبا حاضرين من أصل 170!!.. ربما كان معذورا)
2-               أن تجد امتحان مادة يبدأ اسمها بكلمة(تصميمات..) يحتوي على 50% نظري!! والنظري من المحاضرات  ليعلم من حضر ممن لم يحضر
3-               الهجوم المستمر من الأساتذة على الدروس وليس هذا فحسب فقد يصل الأمر إلى التحدي المباشر كأن يقول(خلي بتوع بين السرايات ينفعوكم) وبين السرايات هي معقل المكتبات قريبا من جامعة القاهرة
4-               حالة عدم فهم رهيبة في صفوف الطلاب –لأن الدروس والملازم  كعادتها من أيام الثانوية العامة ليست من مهمتها أن تفهم لكن أن تنجح بأي وسيلة.
إلى غير ذلك من المظاهر التي لا تمثل أبدا مناخا هادئا للتعلم والتحصيل

أسباب لجوء الطلاب إلى الدروس والملازم:
المتأمل في المظهر الرابع الذي ذكرت آنفا قد يتعجب من إقبال الطلاب على هذا الأمر رغم أنه لا يحقق لهم فهما لمجالهم الذي من المفترض أنهم سيعملون فيه بعد سنوات أو شهور إن شاء الله لهم التخرج
ولكن لذلك أسباب منها:
1-: قناعة رهيبة في نفوس كثير من الطلاب  في أن الكلية ليس لها أي قيمة في المستقبل ، بمعنى أننا سوف ندخل أولى هندسة بعد التخرج عندما نحتك بالسوق، وأن كل ما نأخذه في الكلية نظري واهم لا يستخدمه أي أحد ومن اعتقد في أهمية هذه الدراسة فهو في وجهة نظر الكثير مخدوع بل وربما مغفل، فالذين تشبعت هذه القناعة في نفوسهم قرروا ضمنيا أن يقضوا الكلية بأي شكل وأي صورة بفهم أو دون فهم  بتعلم أو دون تعلم أو حتى  بالغش ونقل الشيتات ....حتى يتخرجوا ليبدأوا في تعلم الهندسة الحقيقية من السوق بزعمهم
ومن أسباب تفشي هذه القناعة حالة فقدان الثقة الموجودة بشكل عام في المجتمع (وبالتأكيد تردي المستوى التقني للكلية وعدم حصول الجامعة على أي ترتيب عالمي له دور كبير في ذلك)
ثم مقولات – التي قد تكون ادعاءات - لبعض الخريجين العاملين بأنهم لم يستفيدوا من الكلية بشيء في عملهم وأن أول شيء طلب منهم في سوق العمل (انس كل ما درست وأبدأ من جديد) مما ولّد في النفوس كرد فعل (إذن لماذا اتعب في فهم شيء سأجبر على نسيانه بعد قليل )
وأنا لست بصدد مناقشة صحة هذه القناعة ولكني على الأقل  أرى أن من الأجدر لأساتذتنا العمل على إثبات عكس هذه القناعة إن كانت خاطئة بدلا من محاربة الظواهر الناتجة عنها
2- الاستسهال
فالاكتفاء بالمحاضرات وحصص التمارين والكتب المتاحة كمصادر للفهم والتحصيل تحتاج مجهود كبير وإن كان يؤدي لنتائج رائعة، لكن ضغط الدراسة وكثرة الشيتات  بالإضافة للسبب السابق- القناعة بعدم الأهمية - يجعل الكثير من الطلاب لا يرى أن لذلك مجال ولا فائدة
فيكون البحث عن كود يقول(إذا قالت المسألة كذا حل هكذا وإذا قالت كذا حل هكذا) ويكون البحث عن حل الشيتات في المكتبات أو مع الزملاء لتنقل وتسلم
وسبب هذا الاستسهال هو كسل عقلي رهيب جئنا به من الثانوية العامة إلى جانب ضغط الدراسة الرهيب (فتخيل أنك غير مقتنع بشيء وأيضا هذا الشيء مرهق جدا وأنت غير معتاد على ذلك ..فماذا ستفعل؟؟)
3- في بعض الأحيان يكون المحاضر له دور في ذلك على سبيل المثال أن لا يوفق المحاضر في توصيل المعلومة في صورة تناسب فهم الطلاب أو أن يكون كثير التحدث بالإنجليزية وهي مشكلة خاصةً لخريجي مدارس الصنايع والمعاهد الفنية أو أن يكون سريعا في شرحه  فلا نستطيع ملاحقة الأفكار وحتى لو كان المنهج طويل والوقت قصير فما ذنبنا؟ وأيضا توقيت المحاضرة كأن تكون مواد التصميم في محاضرات متأخرة والمواد النظرية صباحا!!،أو استخدامprojector في أشياء تتضح أكثر لو شرحت نقطة نقطة على السبورة..إلخ
4- انهيار جسور التواصل بين الطلاب وأساتذتهم ،كثير من الأساتذة يعاملون الطلاب على أنهم أولاد مدللون جاءوا إلى الكلية على ظهر نظام ثانوية عامة قد يحصل فيه غير الفاهم على 99% وكأن هؤلاء الطلاب هم الذين وضعوه
وكثير من الطلاب يرون أساتذتهم في صورة الرجل المعقد الكاره للشباب المتمتع بتعذيبهم والذي لا يريد بهم الخير، فبين هاتين النظرتين المتبادلتين كيف يخرج المبدعون؟؟

هذه الأسباب الرئيسية التي توصلت لها بتأملي في هذه المشكلة التي تنذر بمستقبل مظلم للهندسة في أمة في أشد الحاجة لشباب على مستو عال في كل المجالات ليقوموا بها وبأمورها
وإن كان كثير من الأساتذة يقولون أنهم لا يعلمون سبب هذا الظاهرة ويرجعونه فقط لكسل الطلاب وتخاذلهم، فهاهي الأسباب برؤية طالب (شاهد من أهلها) فهل سيعملون على إزالة هذه الأسباب؟؟ أتمنى



السبت، 14 مايو 2011

الأيدي تبني ، والعيون تراقب الأحداث

الأيدي تبني ، والعيون تراقب الأحداث
معتـز عبد الرحمن


    يظن كثير من المصريين أن بناء البلاد لن يتم إلا في ظل الاستقرار التام وانعدام المشكلات ، وأن سفينة التقدم لابد أن تبحر في مياه هادئة هدوء حمام السباحة المغطى بلا أمواج أو رياح ، لذا كلما حدث أي اضطراب أوقفوا محركات السفينة التي لم تكد تبدأ العمل ، وانشغلوا بمتابعة الأخبار والبرامج والتحليلات ، وطفقوا يهاجمون الأحداث التي تعطلهم مطالبين بالاستقرار الكامل أو الخراب العاجل ، وحقيقة أن هذا السياسة لن تحقق تقدما أبدا لأن البحر لن يهدأ أبدا ، ولابد أن يعي المصريون هذه الحقيقة ولذلك لما يلي: 

أولا: مصر خاصة – والأمة الإسلامية عامة- ليست بلدا تافها أو أمة هامشية ، فهي كثيرة الأعداء والخصوم ، ومخدوع من يظن يوما أن هؤلاء سيتركون مصر تتقدم دون وضع عراقيل كثيرة ومستمرة لهذا التقدم ، فتعافي مصر وتقدمها خطر على كل هؤلاء في الشرق وفي الشمال وفي الغرب ، ومصلحتهم تستدعي إيقاف تقدمها بأي ثمن وبأي شكل ، لذا فعلينا أن نستيقظ لكل مؤامرتهم ، ونتدرب على العمل في ظل وجودها.

ثانيا: لقد ترك النظام السابق ميراثا ثقيلا من الجهل والفقر والفساد الأخلاقي والسياسي والإداري والثقافي ، مع الأخذ في الاعتبار أنني لا أعني بالجهل هنا الأمية ، فالجهل شديد التفشي في صفوف المتعلمين ، وهذه الأمور كلها بدأت تتسبب في مشاكل واضطرابات كثيرة ، وهذه النتائج ستستمر حتما لفترة لأن تغيير المجتمع وإصلاح العنصر البشري وتطويره خلقيا وثقافيا ونشر الوعي يحتاج لوقت خاصة في ظل إعلام لا يزال يتبع سياسات العهد السابق في التضليل والتعتيم ، لذا فالدوامات محلية الصنع أيضا حقيقة واقعة ولابد من مواجهتها بشجاعة وإصرار.

ثالثا: أنت لا تستطيع أن تجعل كل أبناء الوطن مخلصين له ، ففي كل أمة منافقون وموالون لأعدائها ، لا يتحرجون من التعاون معهم على حساب أوطانهم ، وهؤلاء بالطبع يتسببون في كثير من المشاكل خاصة في الدول الفتية التي لازالت في بداية الطريق ، وقد عانى منهم النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دولته في المدينة المنورة لذا علمه الله تعالى وعلم أمته من بعده (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(1) ولشدة خطورتهم وتأثيرهم جعل الله عذابهم يوم القيامة أشد من عذاب العدو الصريح (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)(2)

لهذه الأسباب وغيرها لابد أن نغير أسلوب تفكيرنا وتناولنا للأمور ، لابد أن نقضي على "الخفة" التي نعاني منها ، فكلما حدث أي حادث ترى الصراخ والعويل وانفلات الأعصاب والمانشيتات (البلد تحترق البلد تنزف البلد تسقط ) مما يدل على جهل المتناول بطبيعة الطريق وطبيعة المرحلة ، فكل ما يحدث في مصر الآن خطير ولكنه ليس مفاجئا ، وعلينا أن نكون على مستوى المسئولية ، وألا نحقق بخفتنا أهداف أعدائنا ، لابد أن تبقى الأيادى ممسكة بالدفة ولا تتركها أبدا ، وتبقى العيون مراقبة للأحداث يقظة للأخطار ، ربما نغير المسار قليلا ، أو نزيد السرعة أو نقللها حسب المتغيرات ، ولكن يبقى الاحتمال المستحيل هو إيقاف المحركات وتوقف الأيدي عن العمل بسبب ما تراه العيون من أخطار وأحداث.

 إن مرحلتنا الحالية تحتاج إخلاصا لله واستعانة به ، وشجاعة وإقدام ، وصبرا وثباتا وتحكما في الأعصاب ، وإعراضا عن صيحات المخذلين المتكسبين من الصراخ والعويل ، ولابد فيها من توفير مقومات البناء الأساسية من عدل ومساواة وتطبيق للقانون وعدم محاباة لأحد ، وإذا كان هناك من يريد لهذه البلاد أن تسقط بأي ثمن ، فلابد أن نقدم نحن أي ثمن من أجل استمرار مسيرتها وتقدمها ، لابد أن نعلم أن هذا الجيل عليه حمل ثقيل ، فقد أزاح الله بفضله ومنته من أمامه عقبة كئود جثمت على صدر الأمة لعقود ، فإذا قام هذا الجيل بدوره برجولة وإخلاص أثابه الله وسيحفر اسمه في التاريخ بحروف من نور ، وإذا أضاع الفرصة وأهمل الأمانة وجحد النعمة فليعد للسؤال أمام الله جوابا.
-------------------------------------------------------------
(1)   سورة التوبة – الآية 73
(2)   سورة النساء – الآية 145
للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

الجمعة، 6 مايو 2011

تأملات عقلية ،، في قضية كاميليا


تأملات عقلية ،، في قضية كاميليا
معتـز عبد الرحمن

    هذه السطور دعوة للتأمل والمناقشة العقلية لقضية حساسة تعصف بالمجتمع المصري ، الدعوة حصرية لمن يحبون النقاش الهاديء العقلاني بعيدا عن الصياح والصراخ والتعصب.

قضية كاميليا ،، وإنقاذ الثورة
   منذ أسابيع انطلقت حشود الثوار إلى ميادين مصر المختلفة تحت مسمى "جمعة إنقاذ الثورة" ، ولم يحرك هذه الحشود إلا أن أحد أهم مطالب الثورة لم يكن – حينها – قد تحقق بعد، وهو خضوع مسئولي النظام السابق للقانون والمحاسبة ، فتسائلوا لما لم يحاسب الرئيس السابق وأسرته وحاشيته – عزمي والشريف وسرور وغيرهم -  إلى ذلك الحين؟؟ ، وهل لا يزال في مصر من هو فوق القانون؟؟ وصرح المجلس العسكري أن ليس في مصر من هو فوق القانون وبدأت محاكمات كل هؤلاء على الفور ، وانتقلوا إلى بورتو طرة ، منهم من سجن ومنهم من أخلي سبيله ، المهم أننا شعرنا أن جميع المصريين خاضعون للقانون والعدالة ، إذن ففي أي قانون وأي عدالة يحق لمواطن أن يحتجز مواطنا دون وجه حق ، ويخاطب الرأي العام الذي يسأل عن المحتجز قائلا " وأنت مالك؟" ، وإذا زاد الضغط عليه قليلا أصدر شرائط فيديو وصور فوتوغرافية على غرار رسائل تنظيم القاعدة في جبال أفغانستان وبلاد الرافدين ، وكأننا في بلد ليس فيها قانون ونيابة وقنوات رسمية شرعية للتعبير ، لقد توقعت أن يشارك في تظاهرات المطالبة بالإفراج عن كاميليا كافة طوائف المجتمع – بما فيهم النصارى -  لا للإفراج عن مسلمة محتجزة ، ولكن لأن القانون غير مطبق ولأنه لا يزال هناك من هو فوق القانون ، ونحن نعلم جميعا من وضعه فوق القانون ولماذا ، إن الذين خرجوا من أجل إنقاذ الثورة شرفاء حريصون على العدل والمساواة ، والذين خرجوا ينادون بإظهار كاميليا ووفاء شرفاء حريصون على العدل والمساواة.

لماذا تذكروها الآن؟؟
   على غرار القذافي ونظرية الجرذان ، خرج كثير ممن يسمون بنخبة الفكر والثقافة والإعلام يتساءلون لماذا خرج السلفيون من "جحورهم" وتذكروا كاميليا الآن؟ وهذا السؤال بعيدا عما فيه من سوء أدب ، فإن فيه قدرا كبيرا من تضليل الرأي العام ، إذ أن مظاهرات كاميليا بدأت فور حدوث المشكلة في ظل النظام السابق، وإن كنت لا تصدقني فتذكر تصريحات الداخلية بعد حادث القديسين والتي قالت فيها أنها ستعتمد على صور مظاهرات كامليا في تعقب الجناة ، وقد كان ، وكان من ضحايا ذلك التعقب القذر أن قتل سيد بلال – رحمه الله – ذلك الشاب السلفي الذي فقد حياته تحت صعق الكهرباء كي ينتزع منه اعتراف بجرم لم يرتكبه ، بل وعندما نشرت الصورة التعبيرية لذي الوجه المجهول ، انتشر على الانترنت أنها لمحامي شوهدت له صورة وهو مشارك في مظاهرات كاميليا ، وحينها خرج هذا الشاب في وسائل الإعلام ليعلن أنه حي يرزق ، إذن لم يكن السلفيين في جحورهم وإن شئت قل لم يكونوا في عرينهم ، بل خرجوا وطالبوا بما يطالبون به الآن في ظل نظام كان يقمع كل الإسلاميين ، ودفعوا ثمن هذه المطالبة غاليا ، فكيف يتهمون الآن بأنهم عملاء لأمن الدولة يحركهم كجزء من الثورة المضادة؟؟ حقا من البلية ما يضحك.
لماذا السلفيون فقط؟؟
   سؤال استنكاري قرأته لأحد الكتاب يلقبه البعض – لا أدري لماذا؟-  بالكاتب الإسلامي ، ولأنني قلت في بداية خاطرتي أنها ستكون عقلية ، فساعتبره سؤالا استفهاميا وأقول ما يلي ، القرآن الكريم أمر المسلمين جميعا بصلة الأرحام وبر الوالدين ، منهم من نفذ الأمر ومنهم من قصر ولم ينفذه ، فحينها من الذي يوجه إليه الاستفهام ؟؟ الذي نفذ الأمر الإلهي بالصلة والبر؟ أمن ترك الأمر الإلهي وقطع رحمه وعق والديه ؟ إذن فالسلفيون طبقوا الآية رقم 10 في سورة الممتحنة ، فهل نستنكر عليهم أنها طبقوها وحدهم ؟؟ أما نسأل بقية المسلمين لما قصرتم في تطبيقها؟؟  هل نلوم الضباط الشرفاء القلة الذي رفضوا الانسحاب في جمعة الغضب وصمدوا في مواقعهم حتى استشهدوا ؟ أم نلوم الأكثرية التي تركت مواقعها وتسببت في الانفلات الأمني الذي لم ير مثيله في تاريخ مصر ؟

السلفيون وهيبة الدولة
    في أوائل مارس خرجت مظاهرة للسلفيين إلى مجلس الوزراء تتطالب عصام شرف بالكشف عن مصير كاميليا شحاتة ، خرج إليهم الدكتور عصام ووعدهم بحل المشكلة فانفضوا في الحال ، ومر ما يقرب من شهرين ولم يحدث شيء ، فخرجوا في مظاهرة الجمعة الماضية يطلبون نفس الطلب ، فوعدهم الجيش بحل المشكلة فانفضوا على الفور ، وخرج مجموعة من النصارى أمام ماسبيرو بعد حادث أطفيح يطالبون ببناء الكنيسة ، فوعد المشير طنطاوي نفسه ببنائها فلم ينفضوا ، واستضافهم دكتور شرف في بيته ولم ينفضوا ، ونزل إليهم قساوسة يطمأنوهم فلم ينفضوا ، ولم ينفضوا إلا بعدما بدأ البناء بالفعل في الكنيسة وبعدما جف ريق عقلاء الأمة من الطرفين من كثرة التوسل إليهم ، والآن السلفيون هم المتهمون بهز هيبة الدولة ولي ذراعها، وهم المتهمون بالتعصب وعدم التفاهم ، فسبحان  الله العظيم ، أين الانصاف والعدل؟ وأين الحكمة والعقل ؟ وعندما بين الواقع من هو الحريص على استقرار البلاد ومن هو الذي يزعزع استقرارها ، وظهر ذلك في حسن العلاقة بين الجيش وعلماء السلفيين والتعاون الذي يحدث من حين لآخر من أجل الحفاظ على الاستقرار وأمن البلاد ، وعندما لم يستجب الجيش لدعوات الضرب بيد من حديد لهؤلاء الذين يثيرون الفتنة – بزعمهم – خرج علينا مؤخرا من يقول ،، إن كثيرا من قيادات الجيش سلفيون ،، مرة أخرى من البلية ما يضحك.

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك