الجمعة، 22 فبراير 2013

الحلقة التاسعة، سبع شبهات



سلسلة (استخراج الحق من بحور البهتان ، فيما يقال عن الثورة على عثمان)
جمع وترتيب
الشيخ أحمد جمعة

الحلقة التاسعة
مطالب ثوريـة باطلـة (6)
سبــع شبهـات

10 - تولية عثمان الوليد بن عقبة على الكوفة وهو فاسق.
بداية نقول كما قال ابن العربي في العواصم من القواصم : من فسّق الوليد بن عقبة فهو فاسق .
احتج الطاعنون بسبب النزول للآية الكريمة: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ] {الحجرات:6}.
فقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة وقد قال ابن كثير : [ نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق وقد رُوِي ذلك من طرق ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده من رواية ملك بني المصطلق وهو الحارث بن ضرار والد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سابق, حدثنا عيسى بن دينار حدثني أبي أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه.. (الحديث) . ]
وهذا السند الذي قال عنه ابن كثير بأنه من أحسنها هو سند ضعيف. وإليك التفصيل بإيجاز:
1-    محمد بن سابق. ضعفه ابن معين ووثقه العجلي. وقال يعقوب بن شيبة : ثقة لا يوصف بالضبط. وقال الحافظ عنه في التقريب : صدوق.
2-    دينار وهو والد عيسى ذكره ابن حبان في الثقات مع أن ابنه عيسى هو من المجاهيل.
فالرواية إذن ضعيفة بالرغم من أنها أحسن المروى في هذا الصدد .
وقد أورد محب الدين الخطيب في تعليقه على كتاب العواصم من القواصم ما هو من الدرر التي كشفت قبح الروافض الذين أدخلوا الروايات الموضوعة على كثير من أهل السنة وزينوا الأسانيد حتى تفاقمت المحن على أهل السنة وإلى الله المشتكى ...
وملخص البحث القيم للشيخ محب الدين ودراسته للأسانيد قال: ( فلما عكفت على دراستها وجدتها موقوفة على مجاهد أو قتادة أو ابن أبي ليلى أو يزيد بن رومان ولم يذكر أحد منهما أسماء رواة هذه الأخبار في مدة مائة سنة أو أكثر مرت بين أيامهم وزمن الحادث وهذه المائة من السنين حافلة بالرواة من مشارب مختلفة )
إن الوليد بن عقبة رضي الله قد استأمنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر على الرسائل التي كانت بينه وبين خالد بن الوليد في موقعة المزار التي انتصر فيها المسلمون على الفرس وأرسله أيضاً أبو بكر رضي الله عنه مددًا على رأس قوة إلى عياض بن غنم في دومة الجندل ثم ولاّه الصديق صدقات قضاعة سنة 13 هـ .
وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تولى الإمارة على قبائل بني تغلب وتنوخ وربيعة وعرب الجزيرة .
وفي عهد عثمان رضي الله عنه تولّى أمر الكوفة وظل في إمارته خمس سنوات كاملة يحبه أهل الكوفة ويحبهم وكان الزائرون لا ينقطعون عن بيته يطعمهم، ويسقيهم وكان الناس في رخاء شديد في عهد الوليد بن عقبة، فقد كان صاحب فتوحات عظيمة في أراضي الفرس، وكان رضي الله عنه لا تأخذه في الله لومة لائم.

وختاماً نقول : على فرض أن هذا الذنب قد حدث من الوليد بن عقبة فالذنوب لا تسقط العدالة ما دام الإنسان قد تاب منها.
---------------------------------------
11- أنه أعطى مروان بن الحكم خمس غنائم إفريقية.
كل الروايات التي جاءت فيها هذه الفرية قد ورد في سندها : الواقدي أو محمد بن هشام الكلبي أو أبو مخنف لوط بن يحيى .. وكلهم  من الشيعة الوضاعين الكذابين .
والصحيح أن عثمان رضي الله عنه أعطى خمس الخمس لعبد الله بن سعد بن أبي سرح رضي الله عنه .
وكان قد وعده بأنه إذا أبلى بلاء حسنا في فتح إفريقية فسوف يعطيه خمس الخمس تشجيعا له وفتح عبد الله بن سعد بن أبي سرح إفريقية وأعطاه عثمان رضي الله ما وعده فجاء بعض أمراء جيش عبد الله بن سعد أبي سرح إلى عثمان ساخطين من هذا الوعد .
فقال عثمان: إني أنا الذي أمرت له بذلك وإني أسأله فإن رضي رددته.
فاستأذن عثمان بن عفان رضي الله عنه عبد الله بن سعد بن أبي سرح في رد المال فرده .
واعلم أن هذا الأمر جائز شرعا وقد فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأعطوا الأعطيات لبعض الناس ترغيبا وتأليفا لقلوبهم أو جزاء لهم على حسن البلاء.

----------------
12- كان عمر يضرب بالدرة- عصا صغيرة- أما عثمان فيضرب بعصا كبيرة.
ليس لذلك أصل، ولا سند، ولم يصح فيه حديث واحد.
------------------
13- علا على درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزل عنها أبو بكر وعمر.
كسابقتها فلم يصح لهذه الرواية إسناد .
-------------------
14-  لم يحضر بدرا.
15-  انهزم وفر يوم أحد.
16-  غاب عن بيعة الرضوان.
أورد البخاري في صحيحه في ( مناقب عثمان بن عفان): ( جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ البَيْتَ، فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ القَوْمُ؟
فَقَالُوا هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ،
قَالَ: فَمَنِ الشَّيْخُ فِيهِمْ؟
قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ،
قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ، إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟
قَالَ: نَعَمْ،
قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ؟
قَالَ: نَعَمْ،
قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟
قَالَ: نَعَمْ،
قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ،
قَالَ: ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَسَهْمَهُ» وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ اليُمْنَى: «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ». فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ: «هَذِهِ لِعُثْمَانَ» فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الآنَ مَعَكَ )

ونستكمل في الحلقات المقبلة إن شاء الله

الاثنين، 18 فبراير 2013

الحلقة الثامنة، أبطل القصر في السفر وولى أقاربه



سلسلة (استخراج الحق من بحور البهتان ، فيما يقال عن الثورة على عثمان)
جمع وترتيب
الشيخ أحمد جمعة

الحلقة الثامنة
مطالب ثوريـة باطلـة (5)
أبطل القصر في السفر ، وولى أقاربـه

8- يقولون إن عثمان رضي الله عنه أبطل سنة القصر في السفر.

لما حج عثمان رضي الله عنه في سنة 29 هـ أتمّ الصلاة في منى ومن المعلوم أنّ من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقصر الصلاة في السفر ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتمّ الصلاة في أي سفر وأمير المؤمنين عثمان جاء من المدينة إلى مكة أي هو على سفر .
واعترض عليه بعض الصحابة كعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم جميعًا ، فذهبوا ليناقشوه وكان هذا دأب الصحابة ألا يصمتوا على شيء يرونه خطأ أو مخالفا لهدي النبي صلى عليه وسلم فكيف يعقل أن يكونوا قد صمتوا على كل هذه الأخطاء الأخرى التي نسبها المنافقون لعثمان! ، ذهبوا ليناقشوه فكان عنده ثلاثة أسباب:
 قال عثمان رضي الله عنه مفسّرًا سبب إتمامه للصلاة: لقد تأهّلت بمكة أي( تزوجت بها ) ( وعليه فقد أصبح من أهل مكة).
فقال عبد الرحمن بن عوف: ولك أهل بالمدينة وأنت تقوم حيث أهلك بالمدينة.
فقال عثمان بن عفان: وإن لي مالًا في الطائف.
فقال عبد الرحمن : إن بينك وبين الطائف ثلاث. أي ثلاثة أيام سفر فلا تُعتبر بلدك.
فقال عثمان: وإن طائفة من أهل اليمن قالوا: إن الصلاة بالحضر ركعتان.( أي أن بعض الأعراب من أهل البادية البعيدين عن العلم والفقه ظنوا أن الصلاة ركعتان في الحضر والسفر) فربما رأوني أقصر في الصلاة فيحتجون بي.
فقال عبد الرحمن بن عوف: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي والإسلام في الناس يومئذ قليل وكان يصلّي هاهنا ركعتين وكان أبو بكر يصلي هاهنا ركعتين وكذلك عمر بن الخطاب وصليت أنت ركعتين صدرًا من إمارتك.
فسكت عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم قال: إنما هو رأي رأيته. (أي اجتهاد اجتهدته بناء على هذه الأسباب)

ثم خرج عبد الرحمن بن عوف من عند عثمان بن عفان فالتقى مع عبد الله بن مسعود فخاطبه في ذلك وأخبره بما دار بينه وبين عثمان رضي الله عنه فقال عبد الله بن مسعود:لقد صليت بأصحابي اثنتين ثم علمت أنه صلّى بأصحابه أربعًا فصليت أربعًا فالخلاف شرٌّ.
فقال عبد الرحمن بن عوف: قد بلغني أنه صلى أربعًا فصليت بأصحابي ركعتين أما الآن فسوف يكون الذي تقول.( أي سأصلّي أربعًا ) . حتى لا يكون هناك خلاف بينهم.

القضية إذن قضية اجتهاد فقد اجتهد عثمان رضي الله عنه في هذه الأمر وإن كان الأولى هو القصر في السفر كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يتم صلاة قط في سفر إلا أن الأمر كان موضع اجتهاد ووافقه الصحابة لتجنب الخلاف ولو كان حرامًا لما وافقه الصحابة رضي الله عنهم جميعًا.

فإن كان عثمان رضي الله عنه قد أخطأ في اجتهاده هذا فله أجر واحد وإن كان أصاب فله أجران .
وعلى كل حال هل هذا الأمر مما تُستباح به الدماء ولاسيما دم طاهر كدم ذي النورين  ؟؟؟؟



*فائدة*
 إن الناظر فيما فعله عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما وقول ابن مسعود: (الخلاف شر ) يستنتج قاعدة عظيمة ألا وهي : ( إن الحق واحد ) وهذا على عكس ما يردده بعض الناس: اختلاف أمتي رحمة. والأدهى من ذلك يقولون إن (اختلاف أمتي رحمة ) حديث نبوي ولقد قال الألباني رحمه الله عنه في السلسلة الضعيفة جـ1: ( لا أصل له )
واعلم أن الخلاف نوعين : خلاف سائغ ( تنوع ) وخلاف غير سائغ ( تضاد )
فأما الخلاف سائغ ( تنوع ) فهو :
1- ما يكون كل واحد من القولين أو الفعلين حقًا مشروعًا
2-  ما يكون كل من القولين هو في معنى القول الآخر لكن العبارتين مختلفتان
3- ما يكون المعنيان غيرين لكن لا يتنافيان .. فهذا قول صحيح وهذا قول صحيح
وأما الخلاف غير السائغ ( المذموم ) هو ما خالف نصًّا من كتاب أو سنة أو إجماعًا أو قياسًا جليًّا . وبهذا يتضح لنا جلياً أنه لا مكان عند أهل العلم لمقولة ( وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلف فيه )

9- قالوا إن عثمان يولي أقاربــه...

ويقصدون بالذات:- أنه ولّى معاوية بن أبي سفيان وكان قريبًا له.
-  أنه ولّى عبد الله بن عامر بن قريظ على البصرة، وهو من أقاربه.
- أنه ولّى مروان بن الحكم وكان قريبًا له.

بداية لابد من تأصيل شرعي لتكليف شخص ما لمهام الإدارة على جميع مستوياتها :
إن التكليف الإداري لابد من توفر أربعة شروط :
1-    الحفظ            2- العلم                   3- القوة          4- الأمانة
وهذه الشروط الأربعة تتلخص في اصطلاح ( الكفاءة)
أما عن الشرطين الأول والثاني فقد جاءا في قوله تعالى(قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) [يوسف:55]  وكما يقول الفخر الرازي رحمه الله: ولم يقل إني حسيب نسيب فصيح مليح (التفسير الكبير1/482)
وأما عن الشرطين الثالث والرابع فقد جاءا في قوله تعالى حكاية عن ابنة شعيب: ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ) [ القصص:26 ] يقول النسفي (لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان الكفاية والأمانة في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك وقيل:القوي في دينه الأمين في جوارحه( (تفسير النسفي3/38)
وبالطبع توجد ضوابط فرعية لا غنى عنها مثل مراعاة التخصص والأهلية ... وفي السنة المطهرة نماذج من اختيارات النبي صلى الله عليه وسلم لأمور الجهاد والولايات وغير ذلك مما يدلل على ما قلناه سابقاً .
وعليه فإن الكفاءة حينما تتوفر في أي شخص سواء من الأقارب أو غيرهم فيجب إسناد الولاية لهذا الكُفء
ويترتب على ما سبق عدم مخالفة سيدنا عثمان للشرع في توليته بعض أقاربه الأكفاء ، وهل يحرم الأمة من كفائتهم لأنهم أقاربه؟! ..وتأمل معي ما يلي جيدا:

-       كان معاوية رضي الله عنه يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم  أي كان الرسول صلى الله عليه وسلم
يأتمنه على وحي السماء وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ارتضاه أبو بكر خليفة لأخيه يزيد بن أبي سفيان على الجيش لحرب الروم في الشام وفي عهد عمر رضي الله عنه ولّاه عمر رضي الله عنه على حمص ثم ولاّه الشام بالكامل وكما هو معروف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان شديد الدقة في اختيار الأمراء وكان لا يتردد في عزل أحد حتى وإن كانوا من قدامى الصحابة كما عزل سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه وأرضاه
وبعد وفاة عثمان رضي الله عنه قال سعد بن أبي وقاص: ما رأيت أحدًا بعد عثمان أقضى بحقٍ من صاحب هذا الباب وأشار إلى باب معاوية في خلافة معاوية.
وقال حبر الأمة عبد الله بن عباس: ما رأيت رجلًا أخلق بالملك من معاوية.

-       وأما عبد الله بن عامر فأبوه من بني أمية وأمه من بني هاشم
ويُعدّ عبد الله بن عامر من أشهر الفاتحين في الإسلام فقد فتح خراسان كلها وأطراف فارس وساجستان وأعاد فتح كرمان بعد نقضها للعهد وكان هذا الجهاد سببًا في تقويض آمال المجوس في استعادة ملكهم ومن ثَمّ يكنّون له هذا الحقد العظيم في نفوسهم وعندما انطلق الشيعة من تلك الأراضي أخذوا يطعنون في من قوضوا ملك فارس من أمثال المجاهد عبد الله بن عامر بن قريظ الذي فعل هذا ولم يكن يبلغ من العمر سوى خمسة وعشرين سنة قال ابن كثير في البداية والنهاية:(هو أول من اتخذ الحياض بعرفة لحجاج بيت الله الحرام وأجرى إليها الماء المعين.)
وقال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة: إن له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس ما لا يُنكر.

-       وأما مروان بن الحكم فهو لم يُولّ قط وإنما كان عثمان رضي الله عنه يستشيره في كثير من الأمور وكان
يقربه إليه ولم يولّه إمارةً من الإمارات فقد كان مروان رجل عدل من كبار الأمة عند الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين.

إن هذا الحقد تجاه بني أمية لم يتولد من فراغ فقد كان بنو أمية من أكبر القبائل العربية الموجودة في ذلك الوقت وكان فيهم الكثير والكثير من أهل الحكم والولاية وكان فيهم شرف وسؤدد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوليهم بنفسه في كثير من الأمور فبعد أن فُتحت مكة ولّى عليها عتاب بن أسيد الأموى وكان عمره لا يتجاوز العشرين سنة وولّى صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب الأموى على نجران وولّى خالد بن سعيد بن العاص الأموى على صنعاء واليمن وصدقات بني مذحج وولّى عثمان بن سعيد بن العاص الأموى على تيماء وخيبر وقُرى عرينة وولّى إبان بن سعيد بن العاص الأموى على البحرين وقد استعمل بني أمية بعد ذلك الصديق أبو بكر والفاروق عمر رضي الله عنهما وزاد عمر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان ومعاوية بن أبي سفيان .

بنو أمية لا يستطيع أحد أن ينكر فضلهم فهم الذين ثبتوا دعائم الدولة الإسلامية ونشروا الإسلام في بقاع كثيرة.

إن المتتبع لسيرة عثمان رضي الله عنه وأقاربه يجد أنه لم تمنعه من إقامة الحدود عليهم أو عزلهم إن أذنبوا فقد أقام حد الخمر على الوليد بن عقبة – رضي الله عنه – وعزله عن الكوفة كما أنه عزل سعيد بن العاص – رضي الله عنه – عن الكوفة حين أخرجه منها بعض أهلها وعين عليهم من يحبون !

وأيضاً حينما نتتبع الولاة في عهد الخليفة ذي النورين فإننا نجد أن عددهم يزيد عن الخمسين والياً في حين بلغ عدد أقرباء عثمان رضي الله عنه من أولئك الولاة  ثمانية ولاة فقط !! ناهيك عن كون أغلب القضاة وقادة الجيوش والجند لم يكونوا من بني أمية في عهد كان القضاء أقوى فيه من الوالي والجيوش الفاتحة تنتشر في الأرض فأيهما أولى!

ثم إن علياً رضي الله عنه لما تولى الخلافة كان بعض ولاته من أقاربه فولّى ابن عباس على البصرة وعبيد الله بن عباس على اليمن وقثماً ومعبداً ابني العباس على مكة والمدينة وجعدة بن هبيرة (وهو ابن أخته أم هانئ بنت أبي طالب) على خراسان ومحمد بن أبي بكر (وهو ابن امرأته وأخو ولده) على مصر) ، ولا ينكر أحد عليه ذلك لأن المعيار هو الكفاءة.

ونستأنف في الحلقات المقبلة إن شاء الله

الحلقة السابعة،عزل أبي الدرداء وإنهاء نفي الحكم


استخراج الحق من بحور البهتان ، فيما يقال عن الثورة على عثمان
جمع وترتيب
الشيخ أحمد جمعة
الحلقة السابعة
مطالب ثوريـة باطلـة (4)
عزل أبي الدرداء وإنهاء نفي الحكم
6-  زعموا أن عثمان رضي الله عنه نفى أبا الدرداء من الشام.
لقد كان أبو الدرداء قاضيا على الشام وكان شديدا في الحق لدرجة أن البعض شبه شدته في الحق بشدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان رضي الله عنه لا يتسامح مع أحد أبدا في حق الله تعالى وكان يخاطب أهل الشام بشيء من الشدة فكره الناس ذلك وكان معاوية رضي الله عنه وهو والي الشام شديد اللين والحلم فلم ينه أبا الدراء عن هذا الأمر فقد كان أبا الدرداء رضي الله عنه من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان معاوية يعرف فضله وقدره ومادام لا يخرج عن الحق فما وجه الإعتراض عليه ..... ولكن كثرت الشكاوى إلى عثمان رضي الله عنه من شدة أبي الدرداء رضي الله عنه فأرسل لأبي الدرداء وتحدث معه في هذا الأمر واجتهد عثمان رضي الله عنه في عزل أبي الدرداء عن قضاء الشام فترك أبو الدرداء رضي الله عنه الشام بإرادته واختار المدينة ليعيش فيها بجوار عثمان رضي الله عنه ، بجوار من يقولون أنه آذاه!. وبهذا انتهى الأمر ولكن للباطل رأيٌ آخر فأهل الباطل يحشدون بقدر ما يستطيعون ما يدعم رأيهم وفعلهم فهم يريدون أن يثيروا الناس على عثمان رضي الله عنه فيطعنون في ولاة عثمان رضي الله عنه وينتقصونهم ويلصقون بهم العيوب وإذا كان بعضا من هؤلاء الولاة من رموز الصحابة واجتهدوا أن يظهروا الخلافات البسيطة والعابرة بينهم وبين عثمان رضي الله عنه كعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبو الدرداء وأبو ذر الغفاري وهكذا على أنها ظلم من عثمان، حتى إذا هبوا وحشدوا الناس وذهبوا يريدون عزله وثاروا عليه كانت الأمة متقبلة إلى حد ما هذا الأمر العظيم الجلل الذي لم يحدث من قبل.
 
7- عثمان رضي الله عنه - رد الحكم بن أبي العاص بعد أن نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذه الرواية تقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم طرد الحكم بن العاص وابنه مروان من المدينة فلم يزل طريدا في زمن أبي بكر وعمر فلما ولي عثمان آواه ورده إلى المدينة.أولا: هذه الرواية موجودة في كتب الشيعة فقط ولم ترد في أي كتاب من كتب السنة إلا مرسلة ( والحديث المرسل هو الذي رفعه التابعي إلى الرسول مباشرة من غير ذكر للصحابي) و( الحديث المرسل ضعيف لا يحتج به ) ولم يصحح هذه الرواية أحد من أهل العلم .ثم إن الحكم بن العاص من مسلمي الفتح فقد أسلم رضي الله عنه سنة 8 هـ ومسلمي الفتح يسمون في التاريخ الطلقاء وكانوا ألفين فقد كان رضي الله عنه يعيش في مكة لا في المدينة فكيف يطرده النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة وهو يعيش في مكة؟ وربما يقول البعض: إنه قد يكون هاجر من مكة إلى المدينة بعد الفتح. فيرد البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتَنْفَرْتُمْ فَانْفِرُوا).ولقد جاء صفوان بن أمية وهو من مسلمي الفتح إلى المدينة واستقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره صفوان أنه جاء مهاجرا فرده إلى مكة وقال له:( لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.)
 
وقال بعض  العلماء: إن الحكم ذهب إلى في الطائف باختياره، وليس نفيا وهذا الأقرب إلى الصواب لأنه عاش فترة في الطائف في أواخر عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.وإذا قدرنا عمر مروان بن الحكم في سنة 8 هـ عام الفتح وجدنا أن عمره سبع سنوات فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم نفاه في آخر يوم من حياته فلن يتجاوز عمره عشر سنوات على الأكثر ومن المستحيل أن ينفي الرسول صلى الله عليه وسلم غير مكلف .واعلم أنه ليس هناك ذنب في الشريعة الإسلامية يستوجب النفي الدائم فالنفي يكون إما فترة يتمها المنفي ويعود وإما يترك حتى يتوب من ذنبه فإذا تاب ورأى الحاكم صدق توبته عاد فلو كان الحكم منفيا وأعاده عثمان رضي الله عنه فليس في ذلك ضرر.
 وتعالوا نناقش رواية الشيعة الباطلة من باب مجاراة الخصم
 فلو سلمنا جدلا أنه كان منفيا في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولم يرداه فربما لأن توبته لم تظهر بعد أو قد تكون مدة النفي غير كافية في عهدهما لكنها كفت في عهد عثمان رضي الله عنه أو أن الحكم بن العاص لم يطلب أن يعود إلى المدينة من أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما لكنه طلب ذلك من عثمان رضي الله عنه.فإن قيل: إن نفي الحكم بن أبي العاص كان نفيا دائما استحال على الظن أن يعيده عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك لأن عثمان رضي الله عنه أشد ورعا من أن يقطع أمرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يعقل أن يسكت جميع الصحابة على هذا الأمر ؟ فإذا قيل: لِمَ يشفع عثمان رضي الله عنه في رجل قد ارتكب ذنبا؟فيجيب البخاري أيضاً بما يرويه عن عروة عن أسماء قالت:قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش، ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنها فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت، وهي راغبة، أفأصلها؟قال: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ.فإذا كان يجوز للمسلم أن يصل رحمه الكافر أفلا يجوز له أن يصل رحمه المسلم؟ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:كنا لا نعدل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي بكر، وعمر، وعثمان أحدا، وبعدهم لا نفاضل بين الصحابة.فينبغي علينا ألا ننسى أن يكون أمر الصحابة عندنا منـزه تماما وأنه ما كان لأحد من عموم الصحابة أن يكون في نيته أي سوء للمسلمين فضلا عن أن يكون عثمان بن عفان رضي الله عنه.بل إن الشيعة يصفون عثمان رضي الله عنه ليس بالخيانة أو النفاق بل بالكفر صراحة دون أي نوع من المواربة ومثله أبو بكر وعمر أيضا فأني يؤفكون.
ونستأنف في الحلقات المقبلة إن شاء الله