الأحد، 4 أغسطس 2013

الخروج الآمن من مية البطيخ



الخروج الآمن من مية البطيخ
معتز عبد الرحمن

لقد تعبدنا ربنا بقول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر ، بل بقولها في كل موضع ، وإن من المواضع التي انتشرت في زماننا ويصعب فيها قول الحق هي التي تكون الكلمة فيها موجهة إلى شعب جائر أو جزء منه ، والجور هنا بمعنى صعوبة قبولهم لها وسلخهم لكل من يقول ما يخالف قولهم ولو بحرف، لا يكفي أن تتفق معهم في الموقف العملي ثم تختلف في بعض المسميات والإشارات، بل ينبغي أن تتفق معهم في الموقف والمسميات والأقوال والهمسات والشهيق والزفير بل والأحلام والرؤى وإلا فأنت كذا وكذا ، وكم من حق ومفاهيم تذبح عند هذه العتبات ، وكم من باطل يرتدي ثياب الحق، وحق يتهم بالباطل تحت شعار الوحدة في الأزمات ، وهذا ما دفعني لكتابة هذه التوضيحات على مضض ، ولكن التبيين والتوضيح ليس خيارا أو رفاهية وإنما واجب شرعي تأخيره أو إهماله عواقبه لا تحتمل إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ، وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع.

نحن شعب يعشق الخلط ، وتعسير اليسير وتعقيد السهل ، يرى الخيط الأبيض والخيط الأسود منفصلين فيعمل على جمعهما في ضفيرة واحدة ، فإذا قبلتها حبا في الأبيض قيل أنت تريد السواد ، وإذا رفضتها بغضا في الأسود قالوا تبا لك كم تكره الخير والبياض! وهذا ما يحدث حاليا - كالعادة - في الشريعة وعلاقتها بالمعركة الدائرة على أرض الوطن ، ليست المشكلة كما ذكرت عاليا أن تتخذ موقفا عمليا نهائيا بالوقوف في جهة ولكن المشكلة أن تتبع ذلك بخلط الأمور وتزييف الحقائق ، ببساطة إخوتي نحن أمة مأمورة دوما بالتعامل مع الظاهر وإحالة السرائر إلى من يعلم السر وأخفى ، أمة من قواعدها أيضا أن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد ، فإذا فسد العمل ظاهرا فلا مجال للحديث عن النية وحسنها ، بالضبط كما أنه إذا صلح العمل الظاهر ليس من حق أحد أن يشكك في نواياك وإخلاصك.

وقع انقلاب الثالث من يوليو 2013 على نفوس الأحرار كحد السيف ، وانفجرت الأوضاع وتحرك معارضو الانقلاب في كل مكان ليعرقلوه ، وتحولت تظاهرات الإخوان المحدودة لحد كبير والتي بدأت قبل 30 يونيو إلى مليونيات حقيقية تجمع كل من رفض الانقلاب وإن كره مرسي وجماعته ، والتقدير السياسي "الدستوري" والتقدير الثوري للخطوة ليس هذا مجالهما ولكني هنا أكتفي بالتعليق على تعلق الأمر بمسألة الشريعة وقضيتها ، وهنا أقول هذه الإشارات:

1- لا يوجد لدي مجال للشك أن فئة كبيرة من مؤيدي وداعمي الانقلاب لا سيما من الرموز والمشاهير هم في الحقيقة يعادون الشريعة لا مرسي والإخوان ، وليست قضيتهم أبدا الكهرباء والبنزين ، ولا الأخونة وحسن الإدارة ، ولا بالقطع الديموقراطية التي يأكلونها كلما لفظتهم ، ولكنهم من فرط تطرفهم يرفضون مجرد وجود المسمى في اسم أو سمت من يحكم وإن لم يعمل به ، أو مجرد وجود مواد دستورية كارتونية لم ير لها أثر على الأرض ولا يتوقع أن يرى لها أثر في المستقبل ، ولكن الأمور عندهم واضحة ولا مجال للتنازلات ، وقد أكدت في بداية الفقرة أنها فئة كبيرة وليس الجميع ، وإن كان نسبة كبيرة أيضا من البقية إن كانوا لا يعادون الشريعة ولكنهم على الأقل لا يعبأون بقضيتها ولو عاطفيا.

2- وجود فريق معادي للشريعة وأحكامها في صفوف خصوم الإخوان لا يعني بالضرورة أبدا أن الإخوان ملتزمون بها ويمثلونها ، ولكن كما ذكرت تطرفهم يدفعهم لمعاداة مجرد الظاهر والمسمى وإن لم يلتزم به الإخوان عمليا على الأرض ولم يظهروا حتى نية واضحة للالتزام به إلا في مؤتمرات الجعجعة الانتخابية، وهنا مكمن الموضوع ، الإخوان لم ير منهم خلال عامين ونصف - ولن أتحدث عما قبلها - أي التزام يذكر بهذه الشريعة ، لا في قراراتهم السياسية ولا الثورية ولا في الغرف المغلقة ولا في الولاء والبراء ولا في البرلمان المختص بالتشريع بل صرح كبارهم فيه بوضوح أن الحكم للشعب وللشعب فقط ، وإن تعلق القانون والقرار بحكم شرعي صريح فأيضا الكلمة الأولى والنهائية للشعب لا للشرع وعلمائه ، ولم ينكر عليهم أحد من جماعتهم بل أخذت القرارات بإجماع كتلتهم في الشورى ، وكذلك الدستور الذي تولى الإخوان كبره لم ير منهم حرصا إطلاقا على الشريعة فيه ، وحتى المادة الجديدة التي لا تغني شيئا كانت المعركة فيها لحزب النور منفصلا بينما وقف الإخوان يشاهدونه وهو يتصارع مع القوى الليبرالية في اللجنة ، وبعضهم كان يبرر ذلك بأن العبرة في التنفيذ والسلطة التنفيذية لا التشريع ، فأما في السلطة التنفيذية فلم نر سوى البحث عن القروض الربوية وتجديد رخص الكباريهات واحترام الراقصات ، والتطبيع مع قتلة السوريين ، بل إن الرئيس محمد مرسي صرح مرتين بأن الشريعة هي تلك المبادئ العامة "الكيوت" التي لم تغادر دستور مصر منذ دستور 71 ، الأولى إذ كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة فسألوه عن الشريعة فقال نصا أنها موجودةalready في الدستور وأنه ليس هو من سيطبقها ، وعندما سئل عن الحدود قال (لا لا هذه ليست الشريعة هذه أحكام فقه)! وبالمناسبة عندما كتب علاء الأسواني مقالا يقول فيه نفس الكلام تم انتقاده والرد عليه ، وعندما قالها مرسي لم ينتفض أحد يذكر ، والثانية عند قصر الاتحادية بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره إذ هتف المتظاهرون (الشعب يريد تطبيق شرع الله) فأجابهم أن نعم الشرع هو العدالة والمساواة و كذا وكذا من المبادئ التي لا يختلف عليها أحد والتي كانت موجودة في المادة الكارتونية منذ القدم بل والتي قال بها أيضا علاء الأسواني في مقاله وغيره من العلمانيين والليبراليين واليساريين.

إذن من المهم جدا أن تنفصل الخيوط ، نعم إن هناك حربا على الشريعة في مصر من علمانيين معلومي العداء والمكر أخذوا الهجوم على الإخوان سبيلا إليها ، ولكن ينبغي ألا يدفعنا هذا لأن نخلع على القوم ما ليس فيهم ونلبسهم رداء لطالما رفضوه إلا في الأزمات ، والأهم من ذلك ألا يدفعنا هذا لترك قواعدنا الشرعية المذكورة عاليا من الحكم بالأفعال والظاهر لنغوص في مياه الدروشة والبطيخ بالحديث عن الرؤى والأحلام تارة ، أو بعبارات من نوعية (ماذا بينك وبين ربك يا رجل كي تخرج هذه الجموع لأجلك ويدعو لك الناس في الحرم و و و) ، إن ما بين الرجل وربه لا يعنينا في شيء ولسنا مكلفين بتتبعه ، وليس دليلا على أنه على الحق أو أنه رجل الشرع الذي على الجميع نصرته نصرة مطلقة غير مشروطة ، ناهيك أن هذه الجموع أغلبها لم يخرج لأجله أصلا ، وأنت نفسك من تقول ذلك عندما تسوق للقضية عند غير الإسلاميين وعند الغرب أن القضية ليست مرسي ولكن الحرية والديموقراطية وخلافه ، والعجيب أنني أرى هذه الدروشة من أناس سلفيين وهم أدرى الناس بهذه القواعد وأكثر تمسكا بها ، فمالكم كيف تحكمون؟ إن الإخوان لم يكونوا ولا يريدون أن يكونوا حامل لواء الشريعة الصافية وتطبيق أحكامها الواضحة وإن غضبت الدنيا كلها ، وفرق بين اللواء وبين اللافتات، وحتى هذه اللحظة وبعدما تبين لهم أنك مهما استرضيت الناس بمخالفة الشريعة فلن يجديك نفعا انظر وتابع حتى مجرد التصريحات فلن تجد أحد من قياداتهم تتحدث عنها إلا من هم في الأصل دعاة ومن هم في الأصل يتحدثون عنها كثيرا ولا ينكرون على أنفسهم مخالفتها كصفوت حجازي والدكتور صلاح سلطان وغيرهم ، أما الحديث الرسمي وأغلب الحديث غير الرسمي فأنتم تعلمونه جيدا ، فلا ينبغي على مسلم أن يقبل أن تنسب أفعال الإخوان الآن وأقوالهم وأسلوب إدارتهم للمعركة إلى الشريعة وأن ينسب حكمهم الماضي والمحتمل إلى الشريعة وأحكامها فنستمر في ظلم الشريعة معنا كما عودناها.

3- تأتي النقطة الهامة ، هل معارضة الانقلاب والمشاركة في التظاهر ، أو حتى المطالبة بعودة مرسي صراحة ممكن أن تعد نصرة للدين والشريعة؟
في رأيي أن ذلك ممكنا بالطبع ولكن من وجوه أخرى ليس لها علاقة بالرؤى والأحلام وما بين مرسي وربه تبارك وتعالى ، فمثلا:

أ. إن نجاح الانقلاب سينتج عنه تضييقا كبيرا جدا - بوادره ظاهرة بوضوح- على كل من يطرح طرحا إسلاميا صحيحا لا يفصل الدين عن الحياة ، مما يعني أن حالة الجفاء التي بين الكثير من المصريين وبين دينهم ستزداد بدلا من أن تتناقص وسيتم استغلال أن آخر فصيل حكم كان منتسبا بالمسمى للتيار الإسلامي في إماتة قضية الاحتكام إلى الشريعة عقودا قادمة ، نعم لقد كنا مقصرين في الدعوة ونعم لقد ساهمنا في هذا التشويه الذي لا يعذر ضحاياه ولكن في جميع الأحوال فرق كبير بين أن يكون المجال موجود وأنت مقصر وبين أن يغلق المجال أساسا ، وفي جميع الأحوال أيضا من باب التذكرة علينا التوبة والاستغفار من كل تقصير بدر منا هذه الفترة عسى الله أن يتوب علينا ويصلح أحوالنا ، علينا التوبة بدلا من الاستكبار وتكرار الأخطاء.

ب. إن إفشال الانقلاب وإفشال عودة نظام مبارك المتخفي سيحقن الكثير من الدماء البريئة وليس العكس كما يظن البعض ، وليست دماء الإسلاميين فقط أيضا كما يظن البعض ، بل دماء الثوريين ابتداء والذين يقف الكثير منهم للأسف موقف الشامت المتشفي وهو لا يدري أن مصيره هو نفس مصير من شمت فيهم ، ثم دماء المصريين عامة الذين سيعودون يموتون في السجون والأقسام والعبارات والقطارات وبالمبيدات والسرطانات وغير ذلك مما عانوه طوال عقود في كرامتهم وقوتهم ودمائهم.

ج. إذا كان الإخوان لم يطبقوا ولا يطبقون شرعا ، ولكن على الأقل فحالة الحرية والانفتاح التي نتجت عن ثورة يناير كانت تعطي أملا في التغيير ولو على يد غير الإخوان ، وأن الوعي وما ينتج عنه من تيسير تطبيق الشرع ممكن ومتاح ، أما في ظل نظام مبارك الجديد الذي سيخنق البقايا القليلة من ثورة يناير فلا أمل ولا غيره وسيظل الوضع كما هو عليه إلى أجل غير مسمى، وأظن أن هذه كانت نوايا الكثير من الإسلاميين الذين نزلوا في ثورة يناير الشعبية والتي لم تكن ترفع شعار الشريعة.

د. هي نوايا محمد محمود أيضا ، نصرة المظلوم ومؤازرته ، ومما لا شك فيه أن معارضي الانقلاب الآن يتعرضون لظلم ليس له مثيل ، فقد سفكت دماؤهم ورميت أعراضهم ونسجت حولهم الأكاذيب التي لا يصدقها عاقل ولكنها في مصر تجد ملايين المصدقين ، وإن مساندتهم ولو من باب الانصاف ودفع الظلم عنهم وإبطال الصورة الكاذبة التي تنسج حولهم كي يستباح المزيد من دمائهم نوع من العبادة والخير ، فإن دماءهم لم تعد تستباح في الميادين التي يدفنون فيها ضحاياهم في كرة أرضية تحت الأرض وحسب ، بل في شوارعهم ومحلاتهم قتلا وحرقا لمجرد أن تعفي لحيتك أو يظهر من سمتك واسم محلك أي نزعة إسلامية، وهذا ظلم وبغي عظيم يهدد استقرار البلاد كلها.

وقد يكون هناك من النوايا الأخرى ما لم يفتح الله به علي ، ولكن الأكيد عندي أنه ليس من بينها أن العودة المجردة لمحمد مرسي نصرة للشريعة في حد ذاتها، هذا إن تحدثنا عن نوايا إسلامية ، أما من يتحدث عن نوايا ديموقراطية فحدث ولا حرج ، فما حدث هو اعتداء سافر على الديموقراطية وآلياتها بل وفلسفتها ومن أراد أن يناضل ويتخذ نوايا من هذا المنطلق فلن يعجز أبدا..

أخيرا كل ما كتبته وأسهبت فيه إنما هو حرص على أن تظل دوما الأمور في نصابها الصحيح ، ليست القضية أن نتخذ موقفا موحدا وحسب ، بل إنه في نفس الموقف ينبغي أن تنضبط النوايا والمسميات وألا نعيش خرافات وخزعبلات ، ونخلط كلمة من الشرق على كلمة من الغرب ونقول كلاما أقرب للبلاهة منه للمنطق والواقع يثير السخرية منا ويضيع قضيتنا أكثر وأكثر ،وكي لا نكون كمن يقول عنهم المثل المصري (عايشين في مية البطيخ)..


الجمعة، 29 مارس 2013

الأخيرة ،ضوابط في قراءة التاريخ ومصادر البحث



سلسلة استخراج الحق من بحور البهتان فيما يقال عن الثورة على عثمان
جمع وترتيب
الشيخ أحمد جمعة

الحلقة الرابعة عشرة والأخيرة
ضوابط في قراءة التاريخ ومصادر البحث

الأمة التي ليس لها تاريخ ليس لها حاضر ولا نهضة حقيقية إلا بالرجوع إلى محاكاة جيل فريد للإقتداء به ولو على سبيل الإفتراض. فعلى سبيل الحقيقة (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) ) الممتحنة . الدعوة للإقتداء بإبراهيم ومن معه في الولاء والبراء .

وعلى سبيل الإفتراض والتزوير إيران رجعت الى الفرس وجعلت في علمها شعار من الدولة الكسروية علما.
وعلى سبيل الإختصار هناك خطوط رئيسية لابد لقارئ التاريخ أن يلتزم بها وهي ليست على سبيل التفضل بل إلزام سيحاسَب عليه العبد يوم القيامة وله توابعه في الدنيا والآخرة .
1-    التاريخ ليس فقط تاريخ سياسي بل هناك تاريخ آخر للرجال نعرفه من خلال كتب علم الرجال وكذلك تاريخ المدن كتاريخ بلدان نيسابور وأصفهان والقاهرة ومصر ودمشق . والتركيز على التاريخ السياسي أضعف هيبة التاريخ وقلل من شأنه وجرّأ السفهاء على ثوابت الأمة .
2-    التاريخ ليس بمعلومات فلا يحق لأحد أن يقتطع ما يشاء من واقعة ويقصها بل يجب عليه ربط الماضي بالواقعة وملاحظة تعليقات أو سكوت أبناء عصر الواقعة ولاسيما إن كانت الواقعة عظيمة يترتب عليها رفع من شأن أو العكس أو غير ذلك .
3-     إذا كانت الرواية التاريخية متعلقة بأمور شرعية كالحلال والحرام أو سفك دماء مسلمة بآياد مسلمة وغير ذلك فلابد من دراسة الأسانيد المتعلقة بالرواية وعرض الرواية على القواعد الشرعية وتطبيق أصول علم الحديث على الرواية من غير إفراط ولا تفريط .
4-    يجب على كل قارئ للتاريخ أن يحمل عقيدة سلفية صافية يستطيع من خلالها أن يعطي لكل ذي حق حقه ولا يقبل طعناً في أصل من أصول الدين فمعرفة أثر الإسلام في تربية أتباعه في صدر الإسلام( الصحابة) يجعل من البديهي التسليم بأن الدافع لهم في تصرفاتهم وسلوكهم لم يكن دافعاً دنيوياً بل كان دينياً وأخلاقياً .
5-    معرفة ماهية كاتب التاريخ ودراسة علمية عنه من حيث عقيدته ومذهبه الفقهي ومدى التزامه بالعدالة والضبطية حتى لا تجد كاتباً للتاريخ هواه مع العباسيين مثلا فيزيد العباسيين رفعة على حساب بخس حق الأمويين . فالتحيز والتعصب حجاب ساتر عن رؤية الحقيقة التاريخية والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل وإنصاف .
6-    إذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث . فمن غلبت فضائله هفواته اغتفر له ذلك .
7-    الاستعانة بعلم الجرح والتعديل للترجيح بين الروايات المتعارضة وبناء الصورة التاريخية الصحيحة .
8-    يجب التفرقة بين التاريخ الإسلامي وتاريخ الإسلام .. تاريخ الإسلام لا مصدر له إلا الكتاب والسنة . فعلى من أراد دراسة تاريخ الإسلام أن يرجع إلى القرءان وتفاسيره السلفية وإلى السنة وشروحها السنية .
9-    غير المسلمين كتبوا في كل علوم المسلمين ومنها التاريخ فعلى القارئ لهم أن يراعي الاحتياط الشديد عند الأخذ من كتبهم وخصوصاً ـ والكل يعلم ـ أن الحرية عندهم بلا قيود وبلا ضوابط مما جعل نتائج أبحاثهم ودراساتهم مناقضة للأحكام الإسلامية وواقع المجتمع الإسلامي .
10-                       علمانيو العرب عندنا في بلادنا العربية اتبعوا الغربيين في أبحاثهم ودراساتهم عن الإسلام ونسي هؤلاء العلمانيون أن اليهود والنصارى قد حرّفوا دينهم وكذبوا على أنبيائهم فهل سيكون عندهم أمانة وحب وحيادية كما يزعمون عند دراستهم في كتبنا ؟
بل نسي العلمانيون أن في ديننا الحنيف رواية الضعيف والفاسق مردودة فما ظنهم برواية الكافر ؟
وأخيراً وليس آخراً هذه ليست كل قواعد كتابة وقراءة التاريخ بل هي خطوط عريضة لمن أراد العدل والإنصاف كما يدعون .
وفي النهاية أسرد لكم المراجع التي تم النقل منها سواء في سلسلة الدفاع عن سيدنا عثمان أو ضوابط قراءة التاريخ.
1-    منهاج السنة لابن تيمية .
2-    العواصم من القواصم لابن العربي المالكي
3-    البداية والنهاية لابن كثير
4-    سير أعلام النبلاء للذهبي
5-    شرائط تسجيل عن ( الفتنة ) للدكتور راغب السرجاني
6-    منهج كتابة التاريخ الإسلامي لماذا وكيف ؟ ، للدكتور جمال عبد الهادي
7-    تاريخنا من يكتبه ؟ للدكتور عبد الرحمن علي الحجي
8-    التاريخ الإسلامي بين الحقيقة والتزييف ، للدكتور عمر سليمان الأشقر .
9-    كيف نكتب التاريخ الإسلامي ، للأستاذ محمد قطب .
10-                       نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية ، للدكتور سليمان بن حمد العودة .

والله أعلم والحمد لله رب العالمين

الثلاثاء، 12 مارس 2013

الثالثة عشرة ، استشهاد الخليفة الراشد



استخراج الحق من بحور البهتان ، فيما يقال عن الثورة على عثمان
جمع وترتيب
الشيخ أحمد جمعة
الحلقة الثالثة عشرة
استشهاد الخليفة الراشد

دخل عبد الله بن عمر على عثمان رضي الله عنهم وكان ابن عمر يرى ما يرى عثمان من الرأي بعدم التصادم مع هؤلاء المتمردين وإن أدى ذلك إلى قتله فقال له عثمان:
انظر إلى هؤلاء يقولون: اخلع نفسك أو نقتلك.
فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أمخلّد أنت في الدنيا؟      فقال: لا
فقال: هل يزيدون على أن يقتلوك؟                                   فقال: لا
فقال: هل يملكون لك جنة أو نارًا؟                                   فقال: لا
فقال ابن عمر رضي الله عنه: فلا تخلع قميصًا قمّصه الله لك فتكون سنة كلما كره قومٌ خليفتهم خلعوه أو قتلوه.

وبعد إعلان المتمردين تخيير الخليفة بين القتل أو الخلع خرج إليهم رضي الله عنه وأرضاه من شرفة بيته وقال لهم: يا قوم علام تقتلونني؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ، رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ، فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ، أَوْ قَتَلَ عَمْدًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، أَوِ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ.
فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ولا قتلت أحدا فأقِد نفسي منه ولا ارتددت منذ أسلمت إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فبم تقتلونني؟

وتحكم الشيطان والهوى من قلوب المارقين وخرج لهم عثمان رضي الله عنه في يوم آخر وقال لهم: والله لئن قتلتموني لا تتحابوا بعدي ولا تصلوا جميعًا أبدًا ولا تقاتلوا جميعًا أبدًا عدوًا.
وقد صدق رضي الله عنه فبعدما قُتل انحل العقد ودارت الفتنة منذ هذا العهد حتى وقتنا هذا.

وبدأ المتمردون يدخلون في مرحلة جديدة وهي أنهم منعوا الطعام والشراب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ولما علم عثمان رضي الله عنه ذلك خرج لهم وقال: أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ضاق المسجد بأهله فقال: مَنْ يَشْتَرِي هَذِهِ الْبُقْعَةَ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فَيَكُونُ فِيهَا كَالْمُسْلِمِينَ وَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ؟  فاشتريتها من خالص مالي فجعلتها بين المسلمين وأنتم تمنعوني أن أصلي فيه ركعتين.
ثم قال: أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن بها بئر يُستعذب منه إلا بئر رومة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ. فاشتريتها من خالص مالي وأنتم تمنعوني أن أشرب منها شربة.
ثم قال: هل تعلمون أني صاحب جيش العسرة؟  فقالوا: نعم.  فقال: اللهم اشهد. ودخل إلى بيته.
يااااااااالله !!! كيف يمنع الطعام والماء عن خليفة المسلمين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟

فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فحمل الماء في قربة وركب على بغلته ودخل بين صفوف المتمردين وهم يقرّعونه بغليظ الكلام وهو يزجرهم وينهاهم حتى قال لهم: والله إن فارس والروم لا يفعلون كفعلكم هذا بهذا الرجل والله إنهم ليأسرون فيسقون ويطعمون.
والسيدة أم حبيبة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حملت في ثوبها الماء وغطته وذهبت على بغلتها حتى تسقي عثمان رضي الله عنه في بيته فالتفّ حولها المتمردون وقالوا لها: ما جاء بك؟
فقالت: عند عثمان وصايا بني أمية لأيتام وأرامل فأحببت أن أذكره بها فكذبوها في ذلك ودفعوها فسقط الماء وقطعوا حزام البغلة ودفعوها فكادت أن تسقط أم المؤمنين رضي الله عنها وفي رواية أنها سقطت وكادت أن تُقتل لولا أن قام إليها جماعة من الناس وأنقذوها.

ومنع المجرمون الماء أن يدخل إلى عثمان رضي الله عنه ولم يكن يصل إليه ماءٌ إلا من جاره الملاصق له عمرو بن حزام وهذا في أول يومين فقط وفي اليوم الثالث منعوا الماء تمامًا وهو يوم17من ذي الحجة سنة35هـ
واقتربت جيوش الشام والبصرة والكوفة قد من المدينة وعلم المتمردون فخافوا من ذلك وكانت الجيوش القادمة ضخمة فقد أرسل معاوية رضي الله عنه جيشًا كان على رأسه حبيب بن مسلمة وعلى رأس جيش الكوفة القعقاع بن عمرو التميمي وعلى رأس جيش البصرة مجاشع بن مسعود وعلى رأس الجيش القادم من مصر معاوية بن حبيش.
أما الأمراء فقد مكثوا في بلادهم حتى لا تحدث الفتن في الأمصار التي هم عليها إن تركوها وقدموا مع الجيوش إلى المدينة.
وعزم المتمردون عزمًا أكيدًا على قتل عثمان رضي الله عنه قبل دخول هذه الجيوش إلى المدينة المنورة.

وفي اليوم التالي الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 35هـ  يصبح عثمان بن عفان رضي الله عنه صائمًا ويحاول الصحابة رضي الله عنهم إيصال الماء إليه لكنهم لا يستطيعون ويأتي وقت المغرب دون أن يجد رضي الله عنه شيئًا يفطر عليه لا هو ولا أهل بيته ....... وفي وقت السحر استطاعت زوجته الصابرة الوفية السيدة نائلة بنت الفرافصة أن تحصل على بعض الماء من البيت المجاور خفية ولما أعطته الماء قالت له: أفطر نظر رضي الله عنه من النافذة فوجد الفجر قد لاح فقال: إني نذرت أن أصبح صائمًا.
فقالت السيدة نائلة: ومن أين أكلتَ ولم أرَ أحدًا أتاك بطعام ولا شراب؟

فقال رضي الله عنه: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اطّلع عليّ من هذا السقف ومعه دلو من ماء فقال: اشرب يا عثمان. فشربت حتى رويت ثم قال: ازدد. فشربت حتى نهلت ثم قال صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه: أما إن القوم سينكرون عليك فإن قاتلتهم ظفرت وإن تركتهم أفطرت عندنا. فاختار رضي الله عنه لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لشوقه إليه ولِيَقِينِهِ بأنه سوف يلقى الله شهيدًا ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له من قبل.

وأشرق صباح يوم الجمعة 18 من ذي الحجة سنة 35هـ ودخل كثير بن الصلت أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم على عثمان وهو يقول له: يا أمير المؤمنين اخرج فاجلس في الفناء- أي فناء البيت- فيرى الناس وجهك فإنك إن فعلت ارتدعوا.
فقال عثمان رضي الله عنه: يا كثير رأيت البارحة وكأني دخلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر فقال: ارجع فإنك مفطر عندي غدًا.
ثم قال عثمان رضي الله عنه: ولن تغيب الشمس هذا اليوم والله إلا وأنا من أهل الآخرة.

وخرج كثير بن الصلت رضي الله عنه بأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه وأمر عثمان رضي الله عنه بالسراويل أن تُعدّ له لكي يلبسها وكان من عادته رضي الله عنه ألا يلبسها في جاهلية ولا إسلام وقد لبسها رضي الله عنه لأنه خشي إن قُتل أن يتكشف فلبس السراويل ووضع المصحف بين يديه وأخذ يقرأ في كتاب الله.
ودخل عليه أبناء الصحابة للمرة الأخيرة وطلبوا منه أن يسمح لهم بالدفاع عنه فأقسم عثمان رضي الله عنه على كل من له عليه حق أن يكفّ يده وأن ينطلق إلى منزله ثم قال لغلمانه: من أغمد سيفه فهو حرّ فأعتق بذلك غلمانه وقال رضي الله عنه أنه يريد أن يأخذ موقف ابن آدم الذي قال: [لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ
إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ(28)إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ] {المائدة:28،29}. فكان آخر الناس خروجًا من عند عثمان رضي الله عنه هو الحسن بن علي رضي الله عنهما.

وصلى عثمان رضي الله عنه صلاة نافلةٍ ختم فيها سورة طه ثم جلس بعد ذلك يقرأ في المصحف.
ودخل عليه رأس من رءوس الفتنة يُسمى كنانة بن بشر التجيبي وبيده شعلة من نار وحرق بابَ بيتِ عثمان رضي الله عنه ودخل ومعه بعض رجال الفتنة ثم دخل رجل آخر يسمونه الموت الأسود قيل إنه عبد الله بن سبأ وقيل غيره فخنق عثمان بن عفان رضي الله عنه خنقًا شديدًا حتى ظن أنه مات فتركه وانصرف ....

ودخل بعد ذلك محمد بن أبي بكر الصديق وكان هو الوحيد من الصحابة الذي شارك في هذه الفتنة في هذا الوقت فدخل عليه وكان يظنه قد مات فوجده حيًّا فقال له:على أي دين أنت يا نعثل؟! ( ونعثل هذه سُبّة تُقال للشيخ الأحمق وللظبي كثير الشعر)  فقال عثمان رضي الله عنه : على دين الإسلام ولست بنعثل ولكني أمير المؤمنين.
فقال: غيّرت كتابَ الله.  فقال عثمان رضي الله عنه: كتاب الله بيني وبينكم.
فتقدم إليه وأخذ بلحيته وهزّه منها وقال: إنا لا نقبل أن نكون يوم القيامة مما يقول: [رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا] {الأحزاب:67}.

فقال عثمان رضي الله عنه: يا ابن أخي إنك أمسكت لحية كان أبوك يكرمها.
وكأن عثمان رضي الله عنه أزال بهذه الكلمات غشاوة كانت تحجب الحق والصواب عن قلب محمد بن أبي بكر وتذكر تاريخ عثمان رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبيه الصديق رضي الله عنه ومع المسلمين فاستحيا محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما وخارت يده من على لحية عثمان وبكى ثم وقف وتركه وانصرف....
ولكن وجد القوم يدخلون على عثمان رضي الله عنه فأمسك سيفه وبدأ يدافع عن عثمان رضي الله عنه ولكنهم غلبوه فلم يستطع أن يمنعهم وهذا ما شهدت به السيدة نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان رضي الله عنه.

ثم دخل على عثمان رضي الله عنه المجرم كنانة بن بشر وحمل السيف وضربه به فاتّقاه عثمان رضي الله عنه بيده فقطع يده فقال عثمان رضي الله عنه عندما ضُرب هذه الضربه: بسم الله توكلت على الله.
فتقطرت الدماء من يده فقال: إنها أول يد كتبت المفصل. ثم قال: سبحان الله العظيم.
وتقاطر الدم على المصحف على كلمة [فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ] {البقرة:137}.
وهجم عليه المجرم كنانة بن بشر وضربه بعمود على رأسه فخرّ رضي الله عنه على جنبه وهمّ كنانة الملعون بالسيف ليضربه في صدره فانطلقت السيدة نائلة بنت الفرافصة تدافع عن زوجها ووضعت يدها لتحميه من السيف فقُطعت بعض أصابعها بجزء من كفها ووقعت السيدة نائلة رضي الله عنها.وطعن كنانةُ عثمانَ رضي الله عنه في صدره ....
ثم قام سودان بن حمران بحمل السيف وطعن عثمان رضي الله عنه في بطنه فمال رضي الله عنه إلى الأرض فقفز على بطنه واتّكأ على السيف بجسده ليتأكد من اختراق السيف لجسد عثمان رضي الله عنه ومات رضي الله عنه وأرضاه بعد هذه الضربة.... لا إله إلا الله والله إن القلب ليحترق...
ثم قفز عليه عمرو بن الحمق وطعنه في صدره تسع طعنات وقال: هذه الثلاثة الأولى لله وهذه الست لشيء في نفسي.
واستشهد ذو النورين عثمان رضي الله عنه وأرضاه زوج ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم والمبشَّر بالجنة وثالث الخلفاء الراشدين ...
وبعد أن قتلوه نهبوا ما في بيته وهم يقولون: إذا كان قد أُحلّ لنا دمه أفلا يحل لنا ماله؟
وأخذوا كل شيء حتى الأكواب ولم يتركوا شيئًا ثم همّوا بعد ذلك أن يقطعوا رأس عثمان رضي الله عنه فصرخت السيدة نائلة والسيدة أم البنين زوجتاه وصرخت بناتُه فقال المجرم عبد الرحمن بن عديس وهو أحد رءوس الفتنة: اتركوه. فتركوه وبينما هم خارجون قفز غلامٌ لعثمان رضي الله عنه على سودان بن حمران أحد قتلة عثمان رضي الله عنه فقتله فقام رجل من أهل الفتنة يُسمّى قترة فقتل الغلام... فقام غلامٌ آخر وقتل قترة فقام القوم وقتلوا الغلام الثاني.
وقتل بعض أبنائهم الصحابة وجُرح عبد الله بن الزبير وجُرح الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعًا.
ثم توجه هؤلاء الفجرة الخوارج إلى بيت مال المسلمين وحاولوا أن يأخذوا المال فصرخ حراس بيت المال: النجا النجا.
ولكن غلبهم أهل الفتنة واستطاعوا الاستيلاء على أموال كثيرة من بيت المال وصاح حفظة بيت المال: والله إنهم قوم يريدون الدنيا وما أرادوا الإصلاح كما قالوا.
أما الجيوش التي كانت على مشارف المدينة مرسلة من ولاة عثمان فقد رجعت إلى أمرائها بعد معرفتها بمقتل عثمان وتولية عليّ رضي الله عنه.

استشهد الخليفة الراشد كما بشره النبي صلى الله عليه وسلم على أيدي المنافقين الذين أخبره بهم النبي صلى الله عليه وسلم ليدخل الجنة على بلوى تصيبه كما وعده النبي صلى الله عليه وسلم.