السبت، 30 أكتوبر 2010

لو سألوكي




لو سألوكي عني يا أرض
هتقولي إيه؟

لو سألوكي عن مشيتي
عن نظرتي
عن كلمتي
عن سكوتي
 ******
لو سألوكي عن ضحكتي
عن دمعتي
عن صرختي
بعلو صوتي
  ******
لو سألوكي عن جبهتي
وهي بتحضنك في سجدتي
لو سألوكي عن المعاصي
عن المآسي
لو سألوكي إزاي ومنين
كسبت مالي  وقوتي
  ******
لو سألوكي هتحزني
لما يلبس الكفن
وفي بطنك يصيبه العفن
ولا يا ترى هتفرحي
وتضحكي وتمرحي
أخيرا الظالم اتدفن
  ******
ولا حياته عندك زي موته
وكلامه عندك زي سكوته

طب قولولي إزاي هسمع له صوت
ده من يوم ميلاده لحد الموت
ركب الموجة مكان ما تروح
في وسط القطيع يقول براحته
لكن لوحده
صوته مبحوح
  ******
لا فاكرة له موقف ولا حتى كلمة
دبح وجوده بسكينة تلمة

أكل وشرب وإتجوز ومات
عاش من سكات ومات من سكات
يمين ماشي ، شمال عادي
أصله ابن حلال وطيب وهادي
لو سألوكي قولي ولادي
ولد مؤمن
وولد ظالم
وأكتر ولادي ، الشاب عادي

انفصاميون ،، بلا حدود



    لا أحتاج أن أقدم كثيرا لكلماتي التالية، فهو موضوع واضح ملحوظ لكل ذي لب وتأمل ، وقد ترددت كثيرا في الكتابة عنه خاصة أن الكثيرين قد سبقوني إلى ذلك ، لكن ربما أردت أن أتناوله بشكل مختلف لم أجد – فيما قرأت – تناولا مشابها.

     منذ سنوات أعتدنا في مجتمعنا على بعض المشاهدات التي كانت تعكس ظاهرة الانفصام وانتشارها ، تسمع عن الملتحي المدخن وإمام المسجد سارق التبرعات ، والراقصة المتصدقة والمطرب كافل اليتامى ، حتى صرنا نسمع مقارنات ساذجة مثل أيهما أفضل مصلي لص أم غير مصلي شريف ؟ ومحجبة سليطة اللسان  أم متبرجة خلوقة ؟ وكان الكثيرون يرون دوما أن ضعف الوعي الديني في المجتمع هو السبب الرئيسي في هذا الانفصام ، فلم يكن هناك منهجا متكاملا لتربية الفرد وتهذيبه ، فهؤلاء يهتمون بالعبادات دون المعاملات ، وهؤلاء يهتمون بالمعاملات دون العبادت ، لأن كلا منهم لا يعلم سوى ما وجد عليه آباءه ، فلم يستكمل ما ينقصه فتولد الانفصام ، وعندما بدأ الوعي الديني في الانتشارفي السنوات الأخيرة حدث ما لم يتوقعه أحد ، فقد أظهر هذا الانتشار مدى عمق الانفصام الذي نعانيه ، وأن الذين لخصوا علاج الانفصام في أنه مجرد وصول المعلومة كانوا واهمين ، وتبين للجميع أن علاج الانفصام طريق طويل ، أطول من علاج مرض السرطان ، لأنه بالطبع أخطر من السرطان.

الشفاء من الانفصام لا يعني العصمة

    وفي البداية يجب أن أشير أن الانفصام الذي أعنيه ليس أن يفعل الانسان حسنات وسيئات في آن واحد ، فكل ابن آدم خطاء ، ولا يسلم رجل مهما كان صلاحه من سيئات ومعاصي ومخالفات ، فإن العصمة قد دفنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي عهده صلى الله عليه وسلم  وصحابته – خير القرون – ارتكبت كبائر وأقيمت حدود ولكن لم ينقص ذلك من مقدارهم شيئا ولم يفسد مجتمعهم ، لأن الطاعة والاتباع كانا المنهج والأصل والمعصية كانت الاستثناء والخطأ الذي هو صفة لبني آدم ، فلم يستحلوا حراما ولم يبرروا لأنفسهم الأخطاء ، لذا قال تعالى في صفات المتقين (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) ) سورة آل عمران ، وقال تعالى (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(102) ) سورة التوبة ، وبالطبع ينبغي على المسلم ألا يهمل في علاج ذلك الأمر وأن يكون سريع التوبة معالجا لأسباب المعصية حتى لا تجتمع عليه الصغائر فتهلكه ، وتسبب السيئات ظلاما في قلبه ، ولكن انفصام المنهج هو الخطر الأكبر الذي يجب التصدي له.

انفصام المنهج هو المرض الحقيقي

    فكرت كثيرا في تعريف انفصام المنهج، حتى تذكرت أني قرأته في كتاب الله في آيات بليغة، قال تعالى في سورة النور (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ  (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ(49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)) ، فتطبيق الدين عند مريض الانفصام ليس مرتبطا بإيمانه المطلق أن الدين خير منهج للحياة ، ولكنه مرتبط بمصالحه الشخصية ، فإذا كان تطبيق الدين في موقف ما يعطيه حقوقا فبها ونعمت ، وإن كان يلزمه بواجبات أو يسلبه حقوقا أخترعها لنفسه فلا دين في الحياة ولا حياة في الدين ، وهذا الذي يجعلك ترى رجلا متدينا في مسجده وشارعه وربما داعية وإمام ، علمانيا في عمله ، ديكتاتورا في بيته ، فاسدا مع صحبته ، يأخذ من الدين ما شاء ويترك ما شاء كقوله تعالى في سورة البقرة عن بني إسرائيل عندما طبقوا بعض أحكام الكتاب وتركوا بعضها ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)) .
     لذا ترى في ديننا ربطا كبيرا بين أمور الدين وبعضها ، ليتبين للناس أن هذا الدين كلٌ لا يتجزأ فاقرأ معي على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى في سورة العنكبوت (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصوم (من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم (.....ثم ذكر الرجل يطيل السفر . أشعث أغبر . يمد يديه إلى السماء . يا رب ! يا رب ! ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام . فأنى يستجاب لذلك ؟ ) رواه مسلم

أسباب الانفصام
    أظنها كثيرة ، ولكن في تحليلي هناك ثلاث أسباب رئيسية ينبغي علاجهم عند مريض الانفصام
أولا: اتباع الهوى: فاتباع الهوى سبب رئيسي في الانتقائية كما ذكرنا ، فمرحى بالدين إذا وافق الهوى ، وإذا خالف الهوى فلم تريدون إعادتنا أربعة عشر قرنا للوراء ، واتباع الهوى دائما مذموم في كتاب الله ، وسببا رئيسيا في الضلال ،قال تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ  (23) ) سورة الجاثية ، وقال تعالى (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)) القصص

ثانيا: عدم فهم الدين : فالكثيرون لا يفهمون أصلا معنى الدين ، ما معنى أن يتدين الانسان بالإسلام ، وما معنى الإسلام ؟ فالإسلام هو : الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك ، فكيف للمستسلم المنقاد لله بالطاعة أن يختار شيئا ويترك شيئا ، وهذا ليس تحليل ولكنه متضح في قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا(36)  ) الأحزاب ، وقال تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)) النساء ، والآية الجامعة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ  (208) ) البقرة ، ومعنى الآية ادخلوا في شرائع الإسلام كلها ولا تتركوا منها شيئا، فالسلم هنا بمعنى الإسلام (تفسير السعدي) .

ثالثا : مذهب أصحاب السبت ، و هو ناتج عن الهوى ولكنه يختلط بضعف شديد في الإيمان يسول للعبد أنه قادر على خداع ربه ، فيظن أنه قادرعلى أن يصل لما يريد من هواه دون أن تسجل عليه معصية ، فأصحاب السبت كانوا قد نهوا عن الصيد يوم السبت ، وابتلاهم الله بوفرة الأسماك في يوم السبت وقلتها بقية الأسبوع ، فنصبوا الشباك يوم الجمعة ، وجمعوها يوم الأحد وقالوا لم نصطاد يوم السبت، قل لي كم مرة قابلت رجلا من أصحاب السبت يعيشون بيننا الآن؟؟ أعلمت أن التحايل في طلب الفتوى والالتفاف حول الأحكام وتبرير الفساد والمعاصي ليس أمرا جديدا ؟ لقد عشنا ورأينا أحفاد أصحاب السبت ولكن أسأل الله ألا يرينا عقابهم (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)) سورة البقرة

وأخيرا ،، لابد من بداية

    لابد من بداية فورية في علاج هذا الداء الذي يفتك بأمتنا ، فهذا الداء ليس فقط داء أفراد ، بل داء جماعات وتيارات وأحزاب ، فكل هؤلاء لو دخلوا في السلم كآفة ما رأينا هذه الاختلافات والعصبيات والنعرات ، لكن كلٌ أخذ ما شاء وترك ما شاء ، فأصبح حالنا كما نرى .

   وأنا بكلماتي هذه لا أدعي براءتي من هذا المرض ، ففي ظني أن أغلبنا به شيء من الانفصام ولكن بنسب مختلفة ، فأدعو نفسي وإياكم لوقفة حقيقية مع النفس ، أولا للتقييم هل أنا انفصامي أم لا ؟ ثانيا لتحديد السبب والباب الذي تسرب من الانفصام إلى نفسي ، ثالثا غلق هذا الباب ، رابعا علاج آثار الانفصام ، خامسا الأخذ بإيدي الآخرين ممن يعانون الانفصام ولا يشعرون أو يشعرون ولا يحاولون التغيير.

    وينبغي ألا يفهم من كلامي أنني أقلل من شأن نشر الوعي الديني ، بل نشر الوعي الديني هو الذي سيعالج السبب الثاني  ( عدم فهم الدين) لكني أرى أن نشر الوعي الديني لا ينبغي أن يقتصر على نشر الفتاوى (حرام ، مكروه ، مباح ، مستحب ، واجب) بل ينبغي أن ينشر معه منهج الدين في تربية النفس وتهذيبها  وفي اتباع أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا آنفا، بمعنى آخر ينبغي أن ينشر الدين كله دون الاقتصار على بعض أبوابه، فكيف نطالب الناس بتطبيق كل شرائع الدين وهم لا يعلمون إلا اليسير منها؟.


خاتمة لابد منها

    في النهاية هذه الكلمات هي محض اجتهاد ورأي وتحليل ، قد أكون أصبت في بعضها وأخطأت في بعضها ونسيت ما ينبغي ذكره ، وذكرت ما لا ينبغي ذكره ، لذا فأنا أرحب بكل رأي أو تصويب أو انتقاد أو تعديل ، فليس هدفي إملاء المشكلة والحل ، ولكن هدفي الوصول للتشخيص والحل ، فليست القضية من يقول الحق ، ولكن القضية أن يقال الحق.

الآيات القرآنية نسخ ولصق من موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
http://www.qurancomplex.org/
الأحاديث النبوية (وراويها ) نسخ ولصق من موقع الدرر السنية – الموسوعة الحديثية
http://dorar.net/enc/hadith

حتى لا نشتري التروماي ،، ولو كان اسمه غزة



      
بداية يجب أن نتفق أن ما يحدث في غزة منذ ثلاث سنوات هو جريمة بكل المقاييس ، وأن غزة بحق رمز للصمود وما يحدث لها رمز للظلم والجبروت، ويتجلى هذا الظلم فيما حدث مؤخرا في أسطول الحرية المتضامن معها، فإسرائيل تقتل أهل غزة ومن يتضامن معهم ، بلغة المصريين ( تقتل أهل غزة واللي يتشدد لهم). ولكن لابد أن نحذر هذه المرة من الجحر الذي لدغنا منه عشرات المرات ، وننتبه أن فلسطين ليست غزة وحدها.

صفة عربية وتاريخ يعيد نفسه

يتمتع العرب حاليا بصفات كثيرة جيدة ، وصفات كثيرة سيئة ، ولعل من هذه الصفات السيئة التي ألحظها فينا نحن العرب أننا قوم ذوي تركيز أحادي، نفتقد كثيرا التفكير الشمولي والنظرة الكلية ، لا نستطيع أن ندير أكثر من قضية في وقت واحد، نعيش سطحية شديدة تجعلنا ننشغل دوما بآخر حدث وننسى ما قبله حتى ولو كان الحدث السابق لا يزال مستمرا.

وسأعطي مثالا ببعض أحداث العشر سنوات الأخيرة، عندما قامت الانتفاضة الثانية في فلسطين ردا على زيارة شارون للمسجد الأقصى ، وتجدد فتح ملفات التهويد والحفريات وهدم مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل في هذه الانتفاضة عرف الكثير من المسلمين لأول مرة – وأنا منهم -  أن المسجد الأقصى ليس هذه القبة الصفراء – قبة الصخرة - التي عشنا طفولتنا نؤمن أنها الأقصى والتي للأسف تتخذها قناة فلسطين الفضائية وقناة الأقصى شعارا لها ، اشتدت أحداث الانتفاضة وقامت الدنيا وانتفضت ، ومرت أشهر وبدأت حماسة الانتفاضة في نفوس المتابعين تهدأ ، ثم حوصر الرئيس عرفات في رام الله ، واختزلت فلسطين في رام الله ، لا نسمع ولا نتكلم ولا نناقش شيء غير قضية الرئيس المحاصر في رام الله (رغم أن التهويد والحفريات كانت مستمرة) ، ثم ضربت العراق فتوجهت الأنظار إلى بغداد ونسينا فلسطين بالكلية واستغلت إسرائيل هذا الأمر استغلالا جيدا واستفردت بأهل فلسطين طوال أيام الحرب وسقط فيهم قتلى وجرحى لم يسمع عنهم أحد إلا في ذيول النشرات لأن كل النشرة عن بغداد وصدام والصحاف (رغم أن التهويد والحفريات تحت الأقصى وقتل أهل فلسطين كان مستمرا ) وعندما ضربت لبنان انشغلنا عن العراق وفلسطين وتابعنا مجازر المجرمين ( رغم استمرار التهويد والحفريات وقتل الفلسطينين والعراقيين) ، ثم الحلقة الأخيرة من مسلسل التغييب وهي حصار غزة والرصاص المصبوب ، وكأن فلسطين غزة فقط ، ولا كلام عن فلسطين من البحر إلى النهر ولا حتى كلام عن حدود 67 ، ولا كلام عن القدس والتهويد والمستوطنات التي لم تتوقف طوال هذه الفترة الطويلة ، ويمر الوقت ويزداد قصر النظر حتى أصبح المتابع يشعر وكأن قضية فلسطين ستنتهي لو رفعت إسرائيل الحصار غدا عن غزة.

عفوا لن نشتري التروماي
إننا لا نريد أن نشتري غزة على حساب القدس وفلسطين ، ولا نريد أن نشتري فلسطين ونخسر العراق ، ولا نريد أن نشتري العراق ونخسر أفغانستان ، لا نريد أن يبيع لنا العدو التروماي ، لا نريده أن يوجه تفكيرنا كما يشاء ، لا نريد أن يستمر هذا المسلسل الهزلي الذي بدأ قديما ، إن هذا الداء أفقدنا الكثير من أوراق قضيتنا العادلة ، وإن كنت تظنني مبالغا فيما أقول ، فقل لي أنت ماذا تعرف عن مسلمي الإيجور في الصين؟ ، هل سمعت بهم ؟ هل سمعت قصة تركستان الشرقية المحتلة من الصين من مئتي سنة؟ ولما انتفضوا من قريب أظهرت الصين الأمر وكأنه تمرد من فئة مشاغبة في الصين لا من دولة محتلة لها حقوق، إنها كانت في يوم من الأيام مثل فلسطين والعراق بالنسبة للمسلمين ، لكن انشغل المسلمون عنها  بتجدد الأحداث في مواطن أخرى من العالم الإسلامي فنسيت مع الوقت وانتهت من ذاكرة المسلمين.

وأخيرا لابد من يقظة وتفكر ، وعمق وبعد نظر ، وعدم انقياد للإعلام السطحي ، وإن كان العسكريون يقولون أنه ينبغي ألا تجعل عدوك هو الذي يحدد توقيت ومكان المعركة ، فينبغي علينا ألا نجعل عدونا هو الذي يختار لنا اهتمامتنا ، فيشغلنا بما يشاء ويليهنا عما يشاء ، يذكرنا بما يشاء ، وينسينا ما يشاء ، ليفعل ما يشاء ، ينبغي أن نجمع قضايانا في ملف واحد مهما ثقل ، وندافع عنه في صف واحد مهما حدث ، وإلا تناثرت أوراقه في الزحام ولم يبق فيه إلا ،،عقد شراء التروماي.

عندما يموت الجد


في يوم غير بعيد أصبحت على خبر وفاة جدة أحد معارفي ، وبدأ الخبر ينتشر بين كل من نعرف ،و كان الجميع يتلقون الخبر بالهدوء المعهود عند سماع خبر وفاة العجائز، فلما سمعته إحداهن خطأً أثار رد الفعل شجونا  في نفسي، فقد سمعته " مات والد فلان" فانزعجت كثيرا ، فلما صححنا المعلومة عاد إليها نفس الهدوء الذي يعيشه الآخرون.

     مر أمامي سريعا شريط حياتي الذي لم أعد أستطيع أن أصفه بالقصير كما اعتدت في كتابتاتي منذ الصغر ، هذا الشريط الذي طالما توقفت فيه أمام هذه المواقف، وخآصة مواقف فقدان الجد، ومدى سهولة تقبله، أذكر زميلي الوقور المحترم – حقيقة لا سخرية - الذي قرأ على جدران الكلية خبر وفاة والدة أحد الأساتذة – وكان هذا الأستاذ نفسه كبيرا في السن- قرأه فهز كتفيه  ببساطة قائلا " هي كانت لسه عايشة" ، أذكر مدى اضطرابنا النفسي عندما كان يتوفى والد زميل ونحن في الإعدادي والثانوي، وأرى الفارق عندما كنا نتلقى نفس الخبر في أواخر الجامعة وبعدها ، الفارق ببساطة أن هذا المتوفى قد صار جدا أو قارب ذلك.

     لقد اعتدنا دوما على ذم طول الأمل و التفكير في أننا سنحيا طويلا، وأن علينا أن نفكر أن الموت يأتي بغتة ولا يعرف سنا ولا صحة ولا مرضا.
     ولكن دعنا الآن من ذلك ، وخذ طول الأمل ، دعنا نتخيل السنوات المقبلة . دعنا نتخيل قصتك وقصتي . ولأنهم لم يفرضوا ضرائبا على الخيال بعد، فدعنا نتخيل قصتنا في أحسن ما يمكن أن يتمناه انسان ، شاب ناجح وجد عملا معقولا وتزوج إنسانة يحبها وتحبه ، يسعى في عمله طوال النهار وربما أجزاء من الليل ليعود ليلا لزوجته المحبة ، لينسى شقاء يومه و يتناولا معا الطعام ويتجاذبا أطراف الحديث والدعابة والأحلام الجميلة ، وجاء ولي العهد الأول فالثاني فالثالث، والموظف الصغير تعلو درجته ويرتفع اسمه ويزداد ماله، ويكبر أولاده ويتعلمون ويملأون حياته مرحا وهناءة ، وكلما كبروا كبرت أحلامه فيهم ، تعلموا أفضل تعليم ، ارتقوا بأفضل الوظائف لم يبق له من أحلام إلا أن يرى أولادهم ، لم يبق إلا أن يكون جدا ، لم يبقى له إلا أن يصبح رمزا ، وتصبح أخبار مرضه وتعبه عادية تحت شعار ( السن له حكمه) ، لم يبق إلا أن يبحث له عن الحفاضات ذات المقاس الكبير ، لم يبق له إلا أن يموت ولا يحزن عليه أحد كمن ذكرناهم في بداية حديثنا.

إننا في أحسن الأحوال ذاهبون لا محالة إلى هذه النهاية ، نقترب منها يوما بعد يوم ، ولن ينقذنا منها غير شيء واحد ، أتدري ما هو؟؟ إنه  الموت في سن صغيرة.
أرأيت كم هي دنيا حقيرة؟؟!!
إذا لم تستطع مجاهدة نفسك لتقصر أملها ولتجبرها أن تعمل للآخرة كأنها تموت غدا،، فدعها في أملها ،ولكن قص عليها قصتك التي قرأتها عاليا.

فلم يعد يجدي أن نهرب من ضميرنا ومن خشية الموت بأن نطيل الأمل ، فقد أقام موت أجدادنا علينا الحجة
 فعندما يموت الجد ، تقف الآمال عند الحد، وتنادي الضمائر ارجعوا لله الواحد الأحد..

حكايتي أنا وأخويا

في يوم من الأيام كنت اتكسف افرح
وفي ظلم وحصار لإخواني هنا وهناك
وأقول انا إزاي انبسط وأمرح
وأخويا هناك بينام على الدم والأشواك
***********
يوم ضرب بغداد أنا لسه فاكره تمام
كأنه من أسابيع، كأنه من أيام
كان عندنا في البيت حلوى وجاتوه يا سلام
خدت منها قطعة وفتحت قناة النيل
لقيت البارود أمطار لقيت الدماء بتسيل
سمعت أصوات قنابل بعدها أصوات عويل
ياترى ده صوت أم بتبكي على ابنها
إللي في لحظة الغدر خطفه من حضنها
لقيت الحلوى في فمي سكرها راح منها
يارب حسبنا أنت وأنت نعم الوكيل
********
أنا مش بقول حدوتة، لكن بقول عشان
نشوف في كام سنة إيه اللي جرى وكان
كام سنة مروا في عمر التاريخ لا شيء
لكن أثرهم علينا كان أثر أزمان
********
مش هحكي عن مرحلة عيني ماشفتهاش
تقدر تسأل عليها اللي شاف وعاش
أيام ما كانت العرب كلها بتحارب
بحق ولا بباطل كان ما بيهمهاش
*******
أما عني فشوفت لأمتي 3 حالات
لما تسمع للمسلمين أصوات صريخ وآهات
أولها كانت الحزن والغضب والغيظ
وضيق وغم ودعاء وقنوت وتبرعات
وتلاقي الناس بتحكي وبتسمع النشرة
وتقعد قدام "الأولى" من تسعة لحد عشرة
ولا كان فيه "جزيرة" و"عربية" ولا صراعات
ولا "أصلهم بيكرهونا" ولا "دول بتوع حركات"
ومكنش فيه تحرك ، لكن كان باقي روح
كان باقي لسه حزن وإحساس وألم وجروح
ألم يولد أمل إن المارد يفوق
وورود بساتين الوحدة ترجع عطورها تفوح
*******
وللأسف هلت علينا مرحلة من بعدها
كره المارد جروحه وزهق بقى منها
لكن بدل العلاج راح يقتل الإحساس
ويشوف بقى أكل عيشه زي بقيت الناس
وانشغل بغذا جسمه عن روحه المهدودة
ويدورعن الترف وعن الجنة الموعودة
وليه أشوف النشرة مادام "روتانا" موجودة
هنكد على نفسي ليه ده أنا طول النهار شقيان
هبقى أجيب النشرة لما يعيدوا الأجوان
مساكين والله إخواننا المظلومين في كل مكان
لكن حزني لا هيداوي ولا هيكسي العريان
********
ودلوقتي إحنا بنعيش المرحلة التالتة
اللي بجد حكاية، اللي بجد فلتة
ما اظنش إن العدو نفسه اتمناها في يوم
بدل مساندة أخويا يكون منه الهجوم
لا أنا هحزن عليك ولا حتى هكون في صمت
تستاهل اللي بيحصل منبوذ مكان ما كنت
هتقولي طيب ليه؟ هقولك هو كده
الجرايد والدش قالولي إنك أعدى العدا
وأنا بحترم الإعلام
وبسمع الكلام
وهشوف الفيلم وأنام
وأوعى تجيلي في الأحلام
مالكش فيها مكان
بدل الفولاذي هتلاقي
دنيا متحكمة
*******
ياللي في يوم كنت أخويا مستغرب مني ليه؟
ده حب الدنيا إللي رسولنا قال عليه
شوفت كل ما يزيد في قلوبنا بيعمل فينا إيه؟