الاثنين، 23 مايو 2011

جــــدل لابــد أن ينتهي


جــدل لابد أن ينتهي
معتـز عبد الرحمن


    لم استشعر قيمة المبدأ الذي تبنيته على مدار حياتي إلا بعد ثورة يناير وخاصة بعد الاستفتاء ، وهذا المبدأ هو عدم الانتماء لأي جماعة أو تيار أو حزب مهما زادت نقاط الاتفاق بيني وبينه ، وتكمن قيمة هذا المبدأ في إنها تحفظ لك شيئين ، أولا الرؤية الكلية للأحداث بعين محايدة ، ثانيا خفة الحركة والتحرر من قيود الالتزامات الحزبية وقواعد السمع والطاعة التي قد تكون مخالفة لرؤيتك ووجهة نظرك بل وللحق ذاته في كثير من الأحيان ، لا أقول ذلك تبرئا ولا انتقادا لأحد ، ففي ظني أن كل هذه التيارات الموجودة على الساحة – خاصة الإسلامية منها - قدمت للدين وللوطن الكثير ولا تزال تقدم وأحسبهم جميعا أفضل مني وأفيد ، ولكني أقول ذلك تمهيدا ورغبة في حسم جدل طال وباخ وأضاع الكثير والثمين من الأوقات دون داعي ، ونجحت فيه فئة صغيرة ذات نوايا معروفة في تشتيت جهود وإنهاك قوى فئة كبيرة ذات مصداقية مشهودة ، وكثرة المسميات والانتماءات هي التي سهلت للمتربصين والخصوم إطالة زمن الجدل لتحقيق أكبر مكاسب من التشويه والتضليل.

هل وقعنا في الفخ؟؟
   كلمة السر "الإسلام" وإن شئت فقل "تطبيق الشريعة" ذلك البعبع الذي كان ولايزال وسيظل يخيف التيارات العلمانية ويرعبها ، وبمجهود هذه التيارات المسيطرة على وسائل الإعلام سواء التي كانت موالية للنظام السابق أو التي كانت ترتدي رداء المعارضة ، كان هذا البعبع هو الذي يخيف البسطاء ولا يزال ، ولكن يا ترى هل سيظل ؟؟ ، التصرف الخاطيء الذي فعله كثير من البسطاء عندما صوتوا بنعم على التعديلات الدستورية دون قناعة أو تدبر ولكن لمجرد أن معظم الشيوخ والعلماء تبنوا الموافقة على التعديلات هو الذي أوحى للجميع أن القلق من الإسلام وتطبيق الشريعة والخوف من الملتحين والمنتقبات وكل من يقول "جزاك الله خيرا يا أخي" لن يستمروا للأبد ، وأن الشريعة الغراء قد تتربع في لحظة ديموقراطية على عرش هذه البلاد التي تحمل على صدرها وسام الذكر في القرآن الكريم ووسام وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهلها، فبدأت التيارات العلمانية من جديد في شن الحرب القذرة المفضوحة التي نراها ونشاهدها كل يوم على كل ما هو إسلامي مدعية كذبا أن قضيتها ليست الإسلام ولكن المتأسلمين ، حتى أضحكني أسلوب كتابة خبر في روز اليوسف اليوم يتكلم عن مشاجرة في عقد قران لاعب فكتبوا في العنوان" و(الشيخ) أسامة حسني شهد الواقعة ورفض الشهادة" ناهيك عن خبر استقالة مدرب نادي غزل المحلة بسبب السلفيين ، وفي مقابل هذا الهجوم الشنيع غير الشريف انشغلت التيارات الإسلامية بالدفاع عن نفسها ضد الأكاذيب تارة وضد أخطاء أفرادها تارة أخرى ، وبقيت القضية الحقيقية بلا محامي حاذق واعي ، وبقيت الجوهرة المكنونة تحت الرمال ، مما يمهد لأن يظل الإسلام فزاعة المصريين لعقود أخرى.
وذكرهم بأيام الله
  
لذا فأنا أدعو هنا كل مسلم مؤمن بعظمة دينه ، وكافر بالافتراءات التي يدعيها المفترون عليه ، أدعو كل إخواني وسلفي وتبيلغي وكل مسلم غير منتسب ، الإسلام في رقبتي ورقبتك ، اطرح عن نفسك المسميات واكتفي بالإسلام ، لا يشغلك حماسك وغيرتك على تيارك أو جماعتك عن قضيتك الكبرى ،ولا تكن أصلا في موضع دفاع حتى عن الإسلام ، ولكن كن مبادرا ، عرف الناس دينك ، انقل حبك له إليهم ، تعلم وأجب أسئلتهم ، وأغسل بماء الفقه شبهاتهم ، وذكرهم بأيام الله ، وأقرأ عليهم آيات الله ، قل لهم أن الذي خلق هو الذي يأمر فيطاع (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (1) فهو الذي يعلم مصلحة عباده أكثر من أنفسهم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (2) ، حذرهم تحذير المحب المشفق من خطر عدم محبة شرع الرحمن الرحيم (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) (3) ، اطلب منهم أن يتأملوا في هذه الآية قبل أن يقرروا (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) (4) ، وضح لهم أن الذين يقولون تعبد لله كما شئت وطبق سلوكيات الإسلام وأخلاقه الكريمة ولكن لا تدخله في الحكم والتشريع إنما يريدون لنا الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة ، فعندما طبقت بنو إسرائيل نصيحتهم قال الله لهم (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (5) ، قل لهم أن النصارى عاشوا في ظل الإسلام 13 قرنا بعد أن أنقذهم عمرو بن العاص من ظلم بني دينهم لم يديروا أبدا خدهم الأيسر لأن أحدا لم يضربهم على خدهم الأيمن قط ، تكلموا عن الإسلام يا شباب ، تكلموا عن القرآن ، تكلموا عن السنة ، تكلموا عن الحق  يحسم الجدل في لحظات ، وتوفر الجهود للبناء لا للصراع ، لا تجعلهم يأخذونك حيث يريدون ويوجهون حديثك كما يشاءون ، تعلم من خليل الله إبراهيم الذي لم يسمح للنمرود أن يعطله بإجاباته التافهة الساذجة عن قول الحق وإنهاء الجدل والدعوة إلى الإسلام (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )(6)
-------------------------------------------------------------
(1)   سورة الأعراف – الآية 54
(2)   سورة الملك – الآية 14
(3)   سورة محمد – الآية 9
(4)   سورة المائدة – الآية 49
(5)   سورة البقرة – الآية 85
(6)   سورة البقرة – الآية 258
للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق