الجمعة، 15 أبريل 2011

سقوط الرأس وتنظيم القاعدة


سقوط الرأس وتنظيم القاعدة
معتـز عبد الرحمن

    على مدار سنوات طوال ظل الجدل الفلسفي قائما بين دعاة الإصلاح ، إذ ظلوا دوما مختلفين فيما إذا كان الإصلاح ينبغي أن يبدأ من الرأس أم من القاعدة ، ففريق يرى أن الحاكم الصالح هو الطريق لإصلاح المجتمع ، وآخر يرى أن إصلاح المجتمع هو الطريق نحو الحاكم الصالح ، وبصرف النظر عن أي الرأيين أصوب ، نحن الآن أمام أمر واقع ، فقد قامت الثورة وسقط النظام ، وبدأنا مرحلة جديدة نواجه فيها تحديات كبيرة ، سنعتمد فيها على الله أولا ثم على سواعد الشعب المصري ، الشعب الذي علينا أن نعترف أنه تأثر كثيرا بفساد النظام السابق ، فالرأس كان فاسدا وضاغطا مما أدى إلى تغلغل فساده في القاعدة الشعبية ، ومع مرور الزمن ومع عوامل مساعدة صنعها النظام مثل الجهل والأمية والسلبية والإعلام المضلل تأثرت أخلاق المجتمع وطباعه ومبادئه التي يعيش بها ويربي أبناءه عليها ، وإن لم نشرع الآن وبسرعة في إصلاح وتنظيم هذه القاعدة سنخسر كل مكتسبات ثورتنا ، وستنبت هذه القاعدة رأسا فاسدة من جديد ، بل وربما تضجر وتثور إن رزقها الله بحكام صالحين مخلصين ، فقد رأينا بأنفسنا أناسا حزنوا عندما تولى الدكتور عصام شرف رئاسة الوزراء لأن في وجهة نظرهم أنه "طيب ومحترم" وأننا نحتاج لـ "بلطجي عشان يعرف يسلك معانا" على حد تعبير القائل.

    السطور السابقة تفسر لنا باختصار ما نراه الآن في مجتمعنا من مشاهد محزنة ومحبطة ، من استمرار ثقافة ما قبل 25 يناير في إذهان وتصرفات الكثير من المصريين ، فمن المصريين من لا يزال يخالف قواعد المرور طالما أن الشرطي غائب أو حتى موجود لكن "مكسور" من أثر الأحداث ، ومنهم من لا يزال يخاف من قول الحق لا عند سلطان جائر ولكن عند كل من يعلوه في المنصب ولو بدرجة واحدة ، لا يزال منهم من يبرر الأخطاء لنفسه ولا يريد الاعتراف بها ، لا يزال منهم من يبرر أخطاء من يخشاهم ويتلمس لهم الأمجاد – على غرار نظرية الضربة الجوية – حتى لا يضطر لمواجهتهم خوفا على الرزق الذي كفله الله له ، لا يزال منهم من يخترع الإشاعات ويصدق الإعلام المدلس ، بل ومما يثير العجب أن بعض من يقع في هذه السلبيات ويغرقون فيها أناس شاركوا في الثورة وواجهوا الموت وكادوا يضحون بحياتهم لأجل الإصلاح ، مما يدل على أن مواجهة الأمن المركزي والرصاص الحي والجمال والخيول أيسر كثيرا من مواجهة النفس المليئة بالسلبيات ، ومن مواجهة الموروث الثقافي والنفسي والاجتماعي السيء الذي جنيناه على مدار العقود الماضية، فمقولة (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) رغم أنها ليست حديثا صحيحا ولكن معناها واقعي وقوي ، وعلى المصريين جميعا أن يهبوا لمعركتهم الحقيقية ، فمحاربة العادات التي تربيت عليها وتقديم الحق والصواب على أهوائك ورغباتك ومصالحك معركة شرسة وصعبة وتحتاج لإخلاص واستعانة بالله وتكاتف وتناصح وجهد طويل.

    ختاما أدعو نفسي وإياكم لثورة ضد أنفسنا وسلبياتها ، وضد خوفنا وضد نظرية "وجدنا آباءنا على أمة" ،ثورة لا هتافات فيها ولا اعتصامات ، ولكن صدق ومصارحة وعمل جاد ، وسأسعى بإذن الله تعالى أن تكون خاطرتي هذه بداية لسلسلة من المقالات تتناول بنوع من التفصيل أنواعا من السلبيات ومن القضايا التي يجب علينا التكاتف لحلها ، وسأعتمد فيها على الله سبحانه وتعالى أولا ثم على آراء وتعليقات القراء ، ابدأ معي بالتفكير وبإعداد قوائم العار لا لأشخاص عارضوا الثورة يوما ما ، ولكن قوائم العار لصفات وأفعال وسلوكيات تخالف ما قامت الثورة من أجله ، بل وتمثل ثورة مضادة حقيقية تهدد مستقبل مصر المأمول ومستقبل شعبها الواعد.

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق