الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

الإسلاميون والبطيخة الصيفي


الإسلاميون والبطيخة الصيفي
معتـز عبد الرحمن


       حقا أنا لم أعد أفهمكم ، رغم أني واحد منكم ، أحلامكم أحلامي ، مبادئكم مبادئي ، أفكاركم أفكاري ، شيوخكم شيوخي ، كتبكم مكتبتي ، وأنتم أحب الناس إلى قلبي ، ولكني لم أعد أفهمكم ، لذا قررت أن أبث حيرتي وتعجبي ، وغضبي واستنكاري ، عسى تجيبوني فأفهم وأقتنع ، أو تفهموني أنتم وتقتنعون.

     بداية هل تستشعرون حجم المسئولية الملقاة على أكتافكم؟ هل تدركون حجم الدور المطلوب منكم ؟ لقد قلتم وأثبتم أنكم الفصيل الأكبر في الشعب المصري والأكثر تأثيرا ، وهو تكليف أيما تكليف وليس من التشريف في شيء ، هذه القوة وهذا التأثير يسلبكم حق الاختيار وحق تحديد الدور الذي ترونه لأنفسكم ، فهو يلزمكم ببذل الغالي والنفيس ، وببذل أقصى ما يمكن بذله لحماية هذا الوطن في مرحلة من أخطر مراحله ، ولكم في نبي الله يوسف أسوة حسنة ، فنبوته وإيمانه وزهده وورعه لم يمنعوه من طلب واختيار تولي المسئولية لما رأى أنه الأقدر والأجدر على تحملها ليمر بالبلاد لبر الأمان ، ولا عجب أن هذه البلاد التي أنقذها نبي الله يوسف عندما احتاجته ، هي نفس البلاد التي تحتاجكم اليوم ، إنها مصر ، مع الفارق الكبير الذي ليس في صالحكم ، فهي بلادكم ولم تكن بلاده ، وهي الآن مصر درة العالم الإسلامي ، وحينها كانت بلاد كفر وشرك ، ومات نبي الله يوسف المنقذ لها بإذن الله دون أن يؤمن أهلها به (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ) (1)

   في رأيي أن آخر قرار حقيقي اتخذتموه كان قرار الموافقة على التعديلات الدستورية ، واختيار طريق صناديق الاقتراع كوسيلة للتحول الديموقراطي في مصر وتسليم البلاد إلى سلطة مدنية يرتضيها المصريون ، وكان لكم ما تريدون ، واكتسحت (نعم) الاستفتاء وبدأنا جميعا ننتظر هذا التحول الديموقراطي ، وندعو لحمايته من أي محاولة للالتفاف على إرادة الشعب والاستخفاف بها ، ومعركة (الدستور أولا) شاهدة على ذلك ، إلا إنكم أغمضتم أعينكم عما تلاها ومازال يتلوها من أحداث وإشارات ، وأصبحت الانتخابات غاية وليست وسيلة ، تنتظرونها وتناضلون من أجلها بصرف النظر عن أي مستجدات ، وانعزلتم عن الشارع والواقع ، وهذا ما يثير عجبي وحنقي ويجعلني أسألكم:
     ألا ترون أن في البلاد ثورة مضادة؟ ألا تشعرون أننا نرجع إلى الخلف؟ ألا تقلقكم المحاكمات العسكرية التي أثخنتكم من قبل ولا يوجد ما يحميكم منها الآن أوغدا؟ ألا يقلقكم الانفلات الأمني الملحوظ و"المتروك"؟ ألا تستفزكم عجائب محاكمات رموز النظام السابق؟ ألا يرعبكم الظلام والغموض الذي يكتنف الطريق الوحيد الذي ارتضيتموه؟ ألا تقلقون من تجريم التظاهر واحتلال الميدان بعد يومين من مظاهرتكم الشهيرة؟ ألا تتساءلون أين قانون الغدر؟ ألا تغضبون من استمرار العمل في إعداد الوثيقة الحاكمة وكأن 29 يوليو كانت نزهة ؟ وألا وألا ، أرى أنكم تعلمون كل ذلك جيدا وتدركونه ، ويمزق الغضب أحشاءكم ويعصر القلق قلوبكم ، إذن فلماذا لا تقفون بجوار الشعب ومطالبه ؟ ولماذا لا تناصرون الثورة وتحمونها ؟ هل كما يقولون عنكم أنكم خنتم الثورة وأنكم طلاب سلطة؟ في ظني إن لم يكن في يقيني أن هذا غير حقيقي ، ولكن الواقع أنكم انشغلتم بالفرع عن الجذع ، ولم تحسنوا اختيار الخصم ، واختلقتم لأنفسكم الفزاعات والحواجز التي حالت بينكم وبين كل دعوات تصحيح المسار وتظاهراتها إلا قليلا.

    تقولون نؤيد كل هذه المطالب ونتمناها ولكن نخشى أن تتبدل المطالب ويستغل عددنا في طلب ما نرفض وما يضر البلاد ، وأقول: ثلاثون فصيلا انسحبوا من تظاهرة 29 يوليو ولم يشعر بهم أحد ، فهل لو نزلتم بقوتكم يظهر بجوار مطالبكم مطالب؟ وهل من الممكن أن توجه الأحزاب والائتلافات الكارتونية القوى الشعبية؟ هل تستطيع الآلاف أن تخدع الملايين؟ وإن كان هذا ممكنا فما أكثر ما فيكي يا مصر من ميادين؟ فاختاروا منها ما تشاءون لتعلنوا مطالبكم الصافية ، فإذا كان ولابد من التحرير فاختاروا يوما غير يوم الليبراليين والعلمانيين ، المهم ألا تعيشوا صامتين.

    تقولون نؤيد كل هذه المطالب ونتمناها ولكن نخشى الصدام مع الجيش والوقيعة ، واتخاذ التظاهر إلى ذلك ذريعة ، ويندس المندسون وتحدث الفتنة المريعة ، وأقول: ونحن جميعا نرفض الصدام ، ولكن هل يقول ذلك أبطال موقعة الجمل واللجان الشعبية؟ هل تخشى الملايين من البلطجية؟ بالعكس ، فبدونكم يحدث الاحتكاك ويطمع الطامعون ويندس المندسون، فالذي يندس بينكم مجنون ، وأنتم تعلمون ، وبالتالي فأنتم الوحيدون القادرون على إعلان المطالب صافية ، دون صدام أو وقيعة ، وتتحملون – في وجهة نظري – مسئولية اختلاط المطالب وحدوث الصدام إذا حدث في غيابكم ، ففي 8 يوليو ، لم يغلق المجمع ، وتهدد قناة السويس والمترو إلا بعد انسحابكم قبل تحقق مطالبكم.

    تقولون نؤيد كل هذه المطالب ونتمناها ولكن نخشى من مؤامرات أجنبية ، تسعى لتمكين العلمانية ، والبرادعي والليبرالية  ، وأقول : هل ستنجح المؤامرات وأنتم تقودون الشارع وتفشل وأنتم في البيوت؟ هل ستنجح وصوتكم عالي وتفشل وأنتم سكوت؟ أليس من التمكين للعلمانية والليبرالية أن تفسحوا الميدان للعلمانيين والليبراليين ليطالبوا بحقوق الشعب وحدهم ؟ وبالتالي سيلتف الشعب وأهالي الشهداء والمحكوم عليهم عسكريا حولهم؟ وإذا كنتم تؤمنون بكل هذه المؤامرات ، فلماذا تأمنون على الانتخابات؟ الانتخابات التي تأجلت مرة بعد مرة ولم تعترضوا ، والتى لا تعرفون لها موعدا ولا جدول ، ولا دوائر نهائية ولا قانون ، ومازالت محاطة بالضباب والغيوم ، رغم أنها من المفترض أن تكون على وشك ، وبالتالي لن يستعد لها إلا أصحاب الأموال والعائلات ، ومن المعلوم من هم أصحاب الأموال والعائلات ، وستخرجون من الساحة بحكم الديموقراطية التي ارتضيتموها وسكتم من أجلها كثيرا، ويعود الوضع كما كان باختيار الشعب الذي تخسرون أسهمكم عنده يوما بعد يوم ، فليت شعري من أين أتيتم بهذه "البطيخة الصيفي" التي تضعونها في بطونكم وفي بطون الملايين من أتباعكم وتلاميذكم؟ أليس لكم في ثورة عمر مكرم وأحمد عرابي عبرة؟ إلى متى ستظلون فاقدين لروح المبادرة؟

    انتظر أن أسمع ويسمع معي الشعب ما يقنعننا ويروينا ، أو نرى منكم ما يقر أعيننا ويحمي ثورتنا ويحمينا، ولا أنتظر أن أسمع اتهامات بشق الصف ولا بنشر الغسيل ، فالقرآن علمنا أن الحق واضح وواحد وأصيل ، لا مجاملة فيه ولا تبديل ، وفي سورة النساء (105 – 113) الحجة والدليل. (2) ، وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة ، ونصيحتي لكم على الملأ ليست فضيحة ، فقد علمتمونا أن ما كان على الملأ ، رده يكون على الملأ ، وأن الكبير يقبل النصيحة من الصغير ، مثلما يقبلها الصغير من الكبير ، وأن الطاعة المطلقة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم فقط ، ولا طاعة لغير الله والرسول صلى الله عليه وسلم إلا بالحجة والإقناع والدليل.
--------------------
(1)     سورة غافر ، الآية 40
    للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك
مدونة الكاتب

هناك 3 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. واضح ان الكاتب مشفش اللي حصل قبل كدة في المليونيات
    مليونية 8/7 اللي انضحك فيها علي الاسلاميين وحشدوا لها الحشود وبعد كدة في آخر النهار اتهموهم بالخيانة والعمالة والانسحاب ؟
    واللا مليونية 9/9 اللي اخبار العنف والانفلات قالبة الدنيا ومطلوب من الاسلاميين ينزلوا عشان يلبسوهم سبب أي مصيبة؟
    كل اللي بيجعجعوا بتصحيح المسار وبيتجاروا بدماء الشهداء دلوقت هم اللي دخلونا في نفق الدستور اولا وبعدين المبادئ الحاكمة وعايزين حكم العسكر اللي هم ناقمين عليه يطول والانتخابات تتأجل
    لو كان نصف المجهود المبذول خلال ال6 شهور اللي فاتت اتبذل في تحديد ميعاد للانتخابات وتنظيم اجراءتها كان الدنيا حالها اتعدل لكن الناس اللي عملت الشوشرة طول الفترة اللي فاتت ودخلتنا في متاهات ومهاترات وكل شوية ازمات ومشاكل وأوامرهم مجابة والدليل أن أي مليونية ليهم مفيهاش كام ألف بيصدر وراها بيان من مجلس الوزراء او المجلس العسكري لكن مليونية الاسلاميين المليونية بجد ولا حد عبرهم بالعكس عملوا خلاف مطالب الاسلاميين
    مش مطلوب من الاسلاميين يثقوا في الناس دي تاني ولا يأمنوا انهم يحطوا ايديهم معاهم
    وعلي فكرة كاتبة تلك الكلمات ناقمة علي المجلس العسكري وناقمة أكثر علي التحرك السياسي الاسلامي الردئ لكن في نفس الوقت ليس الحل في الوثوق فيمن خان وتم تجربته واثبت فشله
    مطلب واحد بدون مزيد من المطالب لازم الكل يصر عليه وهو الانتخابات وفقط وأي مطالب أخري سيتم حلها اتوماتيك لو اتحددت الانتخابات واستعدينالها لكن دخلونا في دوامة محاكمة مبارك عشان الناس تضرب في بعض وتطهير الداخلية ووووكل المطالب دي سببت أزمات ولم تحل مشكلة .. لأن العقل بيقول أن مفيش محاكمة نزيهة ولا تطهير حقيقي الا لو اصبح لنا دولة ونظام وحكومة بجد

    ردحذف
  3. يا أختي هو أنا طلبت الثقة في حد ، باين جدا من كلامي إني بطالب الإسلاميين يكونوا هم المبادرين وهم اللي يقودوا التحرك ومش عاوزيهم لا يتبعوا حد ولا حد يجرهم، وراجعي للمقال يا أختي هتلاقيني رديت على شبهة استغلالهم لعددنا لطرح مطالبهم بشكل أظنه واقعي ووافي

    ردحذف