الجمعة، 16 مارس 2012

كيف نخسر انتخابات الرئاسة؟



كيف نخسر انتخابات الرئاسة؟
معتـز عبد الرحمن


  دخل أستاذ الفيزياء بهندسة القاهرة المدرج في أول محاضرة في العام ، وبعد تعريف نفسه ومادته ، قال (إزاي بقى تسقط في الفيزياء؟؟ أقولك إزاي ، متحضرش محاضرات ، وما تذاكرش أول بأول و........) ، وفي ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية ، وفي ظل بدأ السباق وفتح باب الترشيح ، أسمحولي أقتبس نفس أسلوب أستاذي وأسأل: كيف تخسر مصر انتخابات الرئاسة؟؟ أقولك إزاي:
أولا: تعميق الشقاق في الصف الثوري بسبب الانتخابات ، لا سيما بين حملات المرشحين الثوريين أمثال أبو إسماعيل وأبو الفتوح وحمدين صباحي ، فمحبي هؤلاء الثلاثة بشكل عام من الشباب الذي لم يغادروا الميدان في أي فاعلية ثورية وممن لم يثقوا في العسكر أو ينخدعوا بإعلامه ، فينبغي أن نفرق بين اختلاف رؤيتنا لرئيس مصر ، وبين كوننا جميعا أصلا أصحاب رؤية ثورية وقضية واحدة ، فلينتخب كل منا من يشاء دون أن نخسر ما تبقى من وحدة وتعاون ، لإن المرحلة القادمة عصيبة ، وقد نحتاج جميعا للعمل من أجل مساندة الرئيس المنتخب إذا كان أحد الثلاثة أمام ما سيلاقيه من ضغوط ومحاربة ، فلا تخسروا صفكم لو سمحتم.
ثانيا: وهي مرتبطة بأولا ، أن نتقمص دور إعلام مبارك القذر ، ونشن حملات التشويه ضد من وقفوا ضد الظلم قبل وبعد الثورة لمجرد إفشالهم في الانتخابات ، فنحن بذلك نسقط رموزا ثورية لا مرشحين محتملين ، يدخل في ذلك تصيد الأخطاء والإدعاء عليهم بما لم يقولوا ، وهذا يظهر جدا في حالة اختلاف الأيديولوجية ، إذ أنه في الفعاليات الثورية تختفي الأيدلوجيات ، أما عند انتخاب الرئيس ففكره ومرجعيته تكون ركنا أساسيا في الاختيار ، فبعض الشباب إذا لم يجد أن الهجوم على مرجعية المرشح أمرا كافيا يهم بالطعن في مواقفه الثورية نفسها والتي كان يمتدحها بالأمس عندما كانت في صالحه ، ولا ننسى أن الفجور في الخصومة من علامات النفاق ، وفي رأيي أن من مظاهر الفجور في الخصومة الفكرية أن يقال أننا على استعداد للعودة لحياة القهر تحت حكم طاغية فلول لص مقابل ألا يفوز خصمي الثوري، فإذا وصل بعضنا لهذه الحالة قبل الانتخابات بشهرين ، فهذا يعني أننا سنتظاهر من أجل عودة مبارك في يونيو المقبل!! وملخص هذا كله هو (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) سورة المائدة.
ثالثا: الانشغال بالمعركة الانتخابية والغفلة عن الدستور ، فمن السفه أن ننشغل بمعركة الرئاسة عن معركة الدستور الذي سيحدد صلاحياته وعلاقاته بباقي المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة العسكرية ، فالرئيس الطرطور ليس بالضرورة أن يكون المرشح التوافقي أو الفلول الناجح بالتزوير والرشاوي ، ولكن قد يحول الدستور المعيب المرشح الثوري إلى رئيس طرطور! فالعمل على كل المحاور في وقت واحد ضرورة لا اختيار ، وللأسف هذا ما نفشل فيه دائما ،  فانتبهوا!

رابعا: تقديس المرشحين ، فنحن لن ننتخب أنبياء أو حتى صحابة ، إننا ننتخب بشرا عاديين ، خارجين للتو من ظل نظام شديد الفساد ، يعتبر مجرد الحفاظ على النفس فيه بعيدا عن الفساد بطولة كبيرة ، فلا عيب أن يكون مرشحك له أخطاء كثيرة وسهوات ولكن العيب أن تدافع عنها بالباطل ، ومن كان مرشحه بلا خطأ فليغير نظارته ، فلا تقدس مرشحا ، وفي المقابل لا تعتبر وجود خطأ أو أثنين أو عشرة لمرشح سببا كافيا لإسقاطه بل ولاستباحة الهجوم عليه بحق وبباطل.

خامسا: مؤاخذة المرشح على أخطاء محبيه ، وكأنهم كلهم يعملون ويتكلمون بأمره ، فهل مثلا الثلاثون ألف مواطن الذي يقومون بعمل توكيلات لمرشح ما يمثلون المرشح وفكره وسلوكه؟ هل يعرفهم هو أصلا؟ هل من يضع صورة المرشح في البروفايل هو متحدث باسمه؟ بل إن حتى من يقومون بأعمال الدعاية – لا سيما للمرشحين ذوي الشعبية – معظمهم متطوعون يحملون الدعاية من على الأنترنت ويطبعونها على نفقتهم ويوزعونها أو يلصقونها على الجدران ، فهذا النوع من "التلكيك" يبدو مقززا ، فانصفوا يرحمكم الله.

سادسا: يتضح من كل ما سبق أنني أريد لمصر أن تفوز في انتخابات الرئاسة ، ولن يتأتى هذا إلا بأن نحافظ على ثورتنا وصفنا وسلوكياتنا وأخلاقنا وانصافنا ، هذا هو المكسب الحقيقي الذي نحتاجه كي نستمر للأمام ونبدأ البناء والنضال الحقيقي بعد انتهاء هذه المرحلة المرة ، فإن لم نفعل ، وتنازعنا وتنازلنا عن أخلاقنا وأنحططنا في أساليبنا ، فسيكون هناك من يشاهدنا ويضحك ويستعد الانقضاض علينا قريبا ، سيراقب الانتخابات وحملاتها ومعاركها قائلا (خليهم يتسلوا)..
---------------------------------

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق