الثورة وأخواتها ،، نكون أو لا نكون
معتـز عبد الرحمن
(1)
هل نجحت ثورة 25 يناير؟؟ هو السؤال الذي يفرض نفسه على الساحة في مصر هذه الأيام ، وأجابته تختلف من شخص لآخر لاختلاف تعريف "النجاح" ، فالذين يعرفون النجاح بأنه رحيل مبارك اعتبروا أن الثورة انتهت ، والذين يرون أن النجاح هو تغيير النظام بالكامل بعضهم يعتبر أن ما حدث حتى الآن كافيا والبعض الآخر لا يراه كذلك ، ولكن في تصوري أن نجاح هذه الثورة الحقيقي ليس في تغيير النظام الفاسد الذي حكم 30 عاما أو يزيد ولكن في تغير الشعب الذي سكت على هذا الفساد طوال هذه العقود حتى استشرى في جسد الأمة كلها وأصبح صعب الاستئصال ، إننا نشفق الآن على النيابة العامة من كثرة ما تلاقي من ملفات وبلاغات ، ولو أردنا أن نحاكم كل من ساهم يوما في الفساد فستفاجأ بأن عليك محاكمة معظم الشعب المصري لأن السكوت والمداهنة والخوف و"ربط الحمار مطرح ما يقول صاحبه" هو الذي صنع كل هؤلاء الفراعين ، فإذا تغير النظام ولم يتغير الشعب فهو قادر بجدارة على تحويل أي نظام قادم مهما كان منتخبا ونظيفا إلى فراعنة جدد.
(2)
يقلق الكثيرون على الثورة ومستقبلها ، ويزيد قلقهم استمرار بعض رموز النظام السابق في الحكم وتباطؤ محاكمة الفاسدين ، وأنا مثلهم شديد القلق على الثورة لنفس الأسباب ولكن يزيد قلقي عدم لمسي لتغيير حقيقي في سلوكيات معظم المصريين ، مازال المصريون يخافون ، مازالوا يخفضون أصواتهم عندما يشتكون من الفساد ، مازالوا يتمنون الاستقرار – وهو حقهم – ولكنهم للأسف يتمنونه "بأي ثمن" ، في ظني أن كثير ممن يستنكرون مطالب المتظاهرين بإسقاط حكومة شفيق مثلا لا يريدون بقاء شفيق لقناعتهم به أو لقناعتهم أن التغيير قد تم ولا يمكن أن يتأثر بوجود أفراد من النظام السابق ، ولكن لرغبتهم في انتهاء الثورة حتى تستقر لهم لقمة العيش بصرف النظر عن أي شيء آخر ، هؤلاء الذين لا يزالون ينافقون رؤسائهم في العمل ، ويسكتون عن الحق ، ويفعلون الخطأ خوفا على مكافأة أو حرصا على ترقية ويزداد عجبك عندما تجد أن بعضهم كان يوما من أهل ميدان التحرير وهذا يؤكد أن عدم وضوح تعريف "نجاح الثورة" خطر كبير عليها ، إن مكافحة الفساد ليست مهمة النائب العام وحده ، لأن ليس كل الفساد مرتبطا بتعاقدات ومستندات وأموال ، بل إن هناك أنواعا شتى من الفساد لا يستطيع أن يصدها إلا الأفراد العاديون والموظفون والعمال وغيرهم ، وصدها لا يحتاج لتظاهر وقضايا ولكن يكفي أن ترفض أن تكون آلة للخطأ أو أن تكون شيطانا أخرس.
(3)
من أشهر التعبيرات التي استخدمت خلال الثورة "كسر حاجز الخوف" وإذا أردنا التأمل من أين جاء هذا الخوف؟ إن الأجيال التي تربت على " أمشي جنب الحيط " و"الحيطان لها ودان" و " وإن رحت بلد بتعبد العجل حش وإديله" هي التي ساهمت في استشراء هذا الظلم والفساد ، ولولا أن أراد الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة أن تفيق لاستمر ميراث هذه الأجيال إلى ما شاء الله ، لذا لابد أن يوقف هذا الميراث وأن تبدأ البيوت في التغير ، فإصلاح البيت وتربية النشأ خطوة هامة على الطريق على المدى القريب والبعيد ، فكلنا راع وكلنا مسئول عن رعيته ، وعلى الجميع أن يزرع في رعيته حب الخير والحق وبغض الشر والباطل وخشية الله ورجاؤه وألا يخشى معه أحد ، لابد أن نعلم أبناءنا كما علم النبي صلى الله عليه وسلم الغلام – عبد الله بن عباس - (احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف) الترمذي
(4)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق