الثلاثاء، 22 مارس 2011

عبود ويعقوب ،، والماء العكر

دعوة للوضوح
عبود ويعقوب ،، والماء العكر
معتـز عبد الرحمن


     بهرتني التعليقات التي تلقيتها بعد مقالة "لن أعيش في فزاعة أحد" وهي مقالة – لمن لم يقرأها – انتهيت فيها إلى هدف واحد ، أن على كل مسلم أن يعرف دينه ويتعلمه كي يستطيع أن يعرف الحق من الباطل ويفرق بين ما هو دين بحق وما هو مدسوس على الدين ، مصدر الإبهار من التعليقات على المقالة – التي نشرت قدرا بعد يوم واحد من استضافة برامج التوك شو لعبود الزمر – أن المعلقين تركوا كل ما قلت فيها واكتفوا بتعليق واحد هو أن من حق الناس أن تخاف من الدين طالما أن هناك أمثال عبود الزمر يتحدثون باسمه ، ورغم أن هذا التعليق يدل على عدم فهم المعلقين لمقالتي إلا أنني سألت نفسي سؤالا احترت في إجابته هو ماذا لو كنت نشرت المقال مبكرا يوما واحدا ، هل كان سيسلم من التعليقات ؟؟ أم كنت سأتلقى تعليقا أن من حق الناس أن تخاف من الدين طالما أن هناك أمثال كرم زهدي وناجح إبراهيم؟؟ وماذا لوكنت نشرته قبل أن يظهرا في التوك شو ؟ هل كان سيسلم من التعليقات ؟ ما أراه أنه لم يكن ليسلم حتى لو كنت نشرته منذ تسعين عاما، وسبب هذه الرؤية يظهر في السطور القادمة.

    فور نشر الفيديو الشهير "غزوة الصناديق" على الانترنت فوجئت بفرح شديد ينتاب بعض من يتبنون الفكر العلماني ، حتى أن بعضهم أخذ ينشره في "بروفايلات" المعروفين بالتدين على الفيسبوك مصاحبا بتعبيرات الفرحة والشماتة على طريقة (حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط) فهؤلاء الذين بلعوا زلط د. يحيى الجمل عندما أساء للذات الإلهية في حلقته في مصر النهاردة وصمتوا عنها رغم أنها تستحق التوقف والتدقيق والمحاسبة ، والذين بلعوا زلط الكنيسة التي وجهت كل أبنائها للتصويت ب (لا) والذي يعتبر أيضا إقحاما للدين في السياسة وتحويل الاستفتاء لقضية دينية، وأن ال(نعم) في صالح المسلمين وال(لا) في صالح المسيحيين، والذين بلعوا زلط من وصفوا الموافقين على التعديلات بأنهم خانوا دماء الشهداء ، من بلعوا كل هذا الزلط اقتنصوا خطأ الشيخ محمد حسين يعقوب – وهو خطأ فادح بلا شك وأغضبني بشدة – ليعيدوا الكرة ويستمروا في خلط الأوراق ، ويستخدموا أخطاء الأشخاص في ضرب الأصول ، ولو صدقوا لكان عليهم أن يهاجموا الديموقراطية ويلفظوها إذ أن النظام السابق كان من الحزب الوطني " الديموقراطي" وكانوا يتشدقون بالحرية والديموقراطية التي يعيش فيها الشعب المصري في ظل حكمهم الرشيد ، أو أن يهاجموا المسيحية بعد أن أعلن جورج بوش الأبن حربا "صليبية" على البلاد الإسلامية ، فإذا قلت لي أن الديموقراطية والمسيحية منهم بريئة ولا يجوز أن نحاسبها بأخطاء مدعيها ،، فأقول والإسلام أولى ألا يهاجم ويجنب إذا أخطأ بعض أبنائه.

    وهنا أدعو نفسي والجميع لاتخاذ موقف واضح من هذه القضية التي لم تعد تحتمل مزيدا من التنظير والنقاشات الفلسفية ، ولم تعد تحتمل مزيدا من التفاهات والسفاهات والنكات التي بدأت تفوق النكات التي تقال على القذافي ، حدد مشكلتك واطرح مخاوفك ، إذا كانت المشكلة ليست مع الدين ولكن مع مطبقيه ، فهذا أمر يسير ، نحِّي كل هؤلاء جانبا (إخوانا وسلفيين وتبليغ وجهاديين و....) ولندعو لتشكيل لجنة كبيرة من العلماء الأجلاء المشهود لهم بالعلم والأمانة وعدم النفاق وأنهم لا يخافون في الله لومة لائم ، أزهريين وغير أزهريين بل مصريين وغير مصريين ، وليشرحوا لنا الإسلام الصحيح النابع من القرآن والسنة والبعيد عن التطرف والتسيب والأهواء الشخصية وليناظروا هؤلاء المدعين في مناظرات علنية ليظهر حقهم من باطلهم ، ثم هيا نطبق هذا "الإسلام الصحيح" الذي هو دين الله الكامل ، والمنهج العادل والذي نشأت في أحضانه دولة عظمى خلدها التاريخ ، أما إذا كانت المشكلة مع الدين نفسه من حيث كونه دينا ، فأرجوك كن واضحا وقل لا أريد دينا وأرحنا وأرح نفسك ، بدلا من أن تتفرغ لاصطياد الأخطاء ، بل وتألفيها في بعض الأحيان لتلصقها بالدين الذي تعلم جيدا أنه بريء منها ، وبدلا من أن تقضي عمرك في تخويف الناس من دينهم عبر تشويه صورة المتدينين واستغلال أخطائهم والاصطياد في الماء العكر، كن واضحا فالوضوح هو أهم ما نحتاج في هذه المرحلة الدقيقة ، أما أن تقف على السلم خوفا من أن ترفض الدين علانية فتخسر دعم عوام المسلمين وخواصهم ، وخوفا من أن تسكت فتأتي الديموقراطية - التي لا تكف عن الدفاع عنها - بالدولة الإسلامية التي تخالف أفكارك ومعتقداتك ، أن تقف على السلم تنادي بالديموقراطية والحرية وفي نفس الوقت تعطي نفسك الحق في حرمان فئة من المصريين منها ، فهذا أقل ما أستطيع ان أصفه به هو أنه تضليل وفرض وصاية وديكتاتورية لا تختلف كثيرا عن ديكتاتورية مبارك وزين العابدين والقذافي.

للتواصل مع الكاتب عبر الفيس بوك
مدونة الكاتب










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق