السبت، 28 يوليو 2012

الجزء الرابع والثورة المصرية


أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
الجزء الرابع ، والثورة المصرية
معتز عبد الرحمن
نقرأ في الجزء الرابع آيات غزوة أحد ، وما أدراك ما آيات غزوة أحد ، دورس وأصول لو قضينا العمر في دراستها ما انتهينا ، ولكني سأذكر درسين لعلهما أهم ما نحتاجهما في واقعنا الآن وفي آيامنا الحالية ، نجدهما في الآية 152 من سورة آل عمران

(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٥٢﴾).

نتعلم من الآية الكريمة ترك الدعة والتواكل ، وبطلان الإدعاء الذي يستخدمه الكثيرون اليوم لتبرير التقصير والفشل وللهروب من المسئولية والعمل الواجب ، يقولون أن الثورة جاءت ولم تكن في الحسبان ، وحققت نتائج في بدايتها لم يتوقعها أحد ، فهي ربانية بحتة وبالتالي لا داعي للقلق والحرص فالله بدأها لنا وفي صالحنا والله سينهيها لنا ولصالحنا ، وهذا محض هراء ودجل وافتراء ، فكرم الله ومنته ونعمته لا ينبغي أن يكونوا أبدا مبررات للتخاذل والأخطاء والفشل ، فالله يعطي منته وتوفيقه بإذنه فإذا التزم الناس أوامره وتعاليمه وأدوا ما عليهم اكتمل النصر والعون والنعمة بإذن الله ، وإذا ما وقعوا في أسباب الهزيمة والانكسار وتركوا أسباب النصر فإن سنن الله لا تحابي أحدا ، ويتحول النصر إلى هزيمة والتوفيق إلى خذلان ، فإن سنن الله لم تحابي جيشا على رأسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه خير البشر بعد الأنبياء والرسل ، فلا ننتظر اليوم أن نستثنى من ذلك غارقين في بحار التبرير و"الدروشة".

وتأمل جيدا في قوله تعالى (مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ۚ ) وتذكر جيدا الفرحة الغامرة التي اجتاحت الشوارع والميادين يوم 11 فبراير 2011.

إذن فالدرس الأول ألا تغتر بالبداية الموفقة لأنها لا تعني بالضرورة النهاية المشرقة ، أما الدرس الثاني فما هي أسباب تحول النعمة وخسران التوفيق؟؟ ذكرت الآية أربعة أسباب:

الأول: الفشل (الضعف والخور).
الثاني :التنازع والتناحر.
الثالث: المعصية.
الرابع: الحرص على الدنيا.

وسبحان الله كأننا نطبقها حرفا بحرف ، فلم نترك منها شيئا ، فبعد قوة العزم والصلابة في المواجهة والإصرار على المبدأ ورفض الحلول الوسط ، بدأ الخور والضعف يتسرب لقلوب الكثيرين ، وضعفت الهمم والعزائم ، وجبن البعض عن الاستمرار ، دقائق بعد التنحي وبدأ التنازع والتناحر على الفور ، وانشق الصف وتفتت ، أما عن المعاصي فما بين معاصي شخصية يعلمها الإنسان عن نفسه وهو أدرى بها تحرمه التوفيق والسداد وقت الجد والثبات وهو ما جاء أيضا في الجزء الرابع (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم) ، وبين معاصي تشعر وكأن المجتمع هو من يقع فيها وليس الأشخاص لشدة انتشارها وتواتر الكثيرين عليها ، كوقوع الكثيرين دون حجة في أعراض الثوار وسمعتهم وذمتهم المالية ، وتخاذل المجتمع عن نصرة المظلوم بينهم وكف البطش عنه فضلا عن التبرير للظالم وصب اللعنات على الضحية ، ناهيك عن مجاهرة الكثيرين برفض تحكيم كتاب واتخاذه مرجعية للحكم واختيار بعضه والإعراض عن بعض (راجع خاطرة الجزء الثاني).

أما عن ابتغاء الدنيا والحرص عليها فحدث ولا حرج ، فكلما قل المتجردون غير أولي المصالح كلما زاد طريق الإصلاح صعوبة ومشقة ، فلو نظرنا لأي إنجاز حدث من بعد الثورة إلى الآن فسنجده لم يأتي إلا على أيدي هؤلاء على قلتهم ، فما بالكم إن زاد عددهم وامتلكوا أمرهم ، فإن الذي لا يبتغي الأجر والمقابل ولا يسعى للجاه والمنصب والمال يتحول التراب في يده إلى ذهب والهزيمة إلى نصر ، أما محب الدنيا والحريص عليها فهو باب للانكسار والهزيمة وحرمان التوفيق وضياع المكاسب.

كل ما ذكرته هو شيء يسير حول آية واحدة ، ولعل منكم من قرأ الجزء الرابع بالفعل ومنكم من سيسمعه اليوم في صلاة التراويح ، فتأملوه وتعلموا منه ، فكل كلمة من القرآن الكريم تدخل أذنك أو تلامس عينك هي حجة عليك أمام الله تعالى ، فماذا ستقول الله يوم القيامة وأنت تحاسب على أخطاء ارتكبتها بل كررتها كثيرا رغم أن الله تعالى حذر منها بوضوح في كتابه العزيز ي تتحاشاها ابتداء ولا تقع فيها ولو مرة ، أخشى ألا تكون لنا حجة أمامه وبين يديه ، ويخسر رضوان الله ورحمته يومها فماذا كسب؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق